أقلام الوطنحين ينطق القلم

خياركم في الخصام خياركم في الوئام

حين-ينطق-القلم

بشير شريف البرغوثي

في احتمال عقد المجلس الوطني الفلسطيني كما في كل قضية عربية أخرى نجد فريقين :
فريق طلب الحق فأخطأه .. و فريق قصد الباطل فأصابه !
فأنى لنا بفريق ثالثٍ يطلب الحق فيصيبه في العمق ؟
و لعل أكثر ما يثير الحزن أن حلقات الجدل لا يجمعها جامع و ليس هناك حد أدنى من الإتفاق يلم هذا الشعث من بين أشواك الواقع الفلسطيني و العربي و الدولي
القاسم المشترك الأخطر و ليس الأكبر – فلم يعد لدينا كبير – هو الإتفاق ليس على عدم الإتفاق بل الإتفاق على عدم التعايش
لعلنا لسنا بحاجة الى ساسة و لا حتى الى تنظيمات بل بحاجة الى ضمير جمعي يتمثل قيمنا العليا و طموحنا الوطني
لكن الضمير الجمعي لأي شعب لا بد أن يتجسد بشخص او نخبة .. هل هناك قيادي فلسطيني يمثل ذلك الآن ؟
و إن وجد مثل هذا الضمير , فهل يملك دفتر شيكات و موازنة ينفق منها آناء الثورة و أطراف الحل السلمي بغير حساب ؟
هناك من يطالب بالعودة الى الميثاق .. كضرورة لإحياء منظمة التحرير و دورها .. و هذا الفريق أقرب الى المطالبة بالكفاح المسلح .. و لكن من قال إن الجسم التنظيمي الفلسطيني بحاجة الى كفاح مسلح الآن ؟ و لندع الحديث عن القدرة على الممارسة العملية لهذا الكفاح .. اعني هل يحتاج برنامج التسوية المأمولة من ” الشرعية الدولية ” الى الميثاق ؟ او الى الكفاح المسلح ؟
نحن هنا لسنا امام احتلاف على إمكانية ما او انعدامها بل ان الإختلاف على ضرورة وجودها
برنامج فتح و خطواتها السياسية الان لا تحتاج الكفاح المسلح أصلا فكيف نطالب التنظيم الاساسي بأن يتبنى مقاربة ما لا يحتاجها في عمله و لا في اهدافه ؟
نأتي الى المكان .. ففريق لا يرى ضيرا من عقد المجلس على أرض الوطن مقابل فريق ثانٍ لا يريد عقد المجلس تحت حراب الإحتلال
حسنا , لكن الوطن كله بكل مؤسساته تحت الاحتلال .. فهل وقف الامر على المجلس الوطني ؟
الإخوة المعارضون .. الم يواكبوا محاولات او حتى عمليات بناء الوطن تحت الإحتلال ؟ ما الذي تغير عليهم الآن ؟ الم تغض حركة الجهاد و الجبهات كلها و حماس معهم النظر عن إجراء انتخابات لخمس الشعب في نفس الظروف الاحتلالية بل و تقول حماس ان الانتخابات التي فازت بها كانت شرعية تماما ؟ كيف يمكن اعتبار الانتخابات الجزئية المنقوصة شرعية وطنيا و اعتبار دورة مجلس غير شرعية ؟ مع ان العمليتين ادتا الى شطب تمثيل ستة ملايين فلسطيني على الاقل ؟ و في المقابل : الم يعقد كثير من الشخصيات الرافضة لعقد المجلس في رام الله مؤتمرا قالوا انه للفلسطينيين في الخارج في عاصمة عضو في حلف الناتو بل و تحت رعايتها ؟
إذن ليسمح لنا طرفا النقاش في استبعاد حجة المكان و حجة الجغرافيا كلها
اما الطرف المؤيد لعقد المجلس في رام الله .. فلا يقل تناقضا في طرحه عن خصمه الاول .. لقد تصرفت فتح على انها صاحبة مشروع السلطة الوطنية من البدء و قصرت الوجود الفلسطيني في الخارج على هيئات التمثيل الرسمي و الدبلوماسي .. و لا أظن ان اي قيادي ممن عادوا الى الوطن بات ليلة واحدة في اي مخيم عند زيارته لأي دولة فيها مخيمات ..
يقول الطرف المؤيد تعالوا الى البيت المعنوي و ناقشوا من خلاله بدل الردح من خارج البيت .. فهل هذا طرح منطقي بعد مسلسل استبعاد كثير من الكفاءات و تعطيل كثير من آليات العمل الفلسطيني في الخارج ؟ ومن الذي يحكم دخول هؤلاء الى الوطن ؟ اهو الاحتلال ؟ ام السلطة ؟ سيقال ان المجلس سينعقد بحماية السلطة .. إذن فلماذا لم تسمح او تفرض دخول من يشاء من الفلسطينيين الى مناطقها ؟ واضح ان الامر ليس بيدها .. و مع ذلك فهي مصرة على عقد المجلس حتى لو كان ذلك مرفوضا من الكل الفلسطيني و ليس من الاغلبية فقط فالقرار المالي و الإداري بيدها .. و لعلها السلطة التنفيذية الوحيدة في التاريخ التي تتحكم في السلطة التشريعية .. السلطة التنفيذية هي التي تشرع و السلطة التشريعية عليها ان تنفذ .. فأي دستورية هذه ؟ و اي شرعية ثورية ؟
ألم يسبق ان تذمر السيد رئيس المجلس من ان بعض ” التعليمات ” تصله من امين سر اللجنة التنفيذية السابق بقلم رصاص و على قصاصات ورق غير مروسة حتى ؟
لعل الحل الوحيد الذي يرسم افقا هو ان تقتصر دورة هذا المجلس في رام الله حصرا على الإعداد و التحضير لانتخابات شاملة و مباشرة للفلسطينيين في معظم اماكن تواجدهم على ان يترك للمجلس المنتخب بهذا الشكل ان يعين ممثلين للفلسطينيين في الدول التي يتعذر إجراء انتخابات فيها
فهذا يعفي ايصاحب قرار من تحمل تبعات اي قرار قد يكون مصيريا .. و يلقي عبء ذلك على مجموع الإرادة الوطنية للشعب و قد ينقلنا ذلك الى حالةمن التعايش الوطني بعد تعثر الوصول الى وحدة وطنية
إن ما يجري على الارض يقول ان شعبنا في حالىة انعقاد دائم .. و حين يكون الشعب في حالة انعقاد فلا سيد عليه الا نفسه … انه الهيئة العامة التي تمثل نفسها و لا سلطة فوق سلطتها
لماذا التعقيد إذن ؟ يبدو ان هناك من يستفيد من التعقيد .. على الأقل كفرصة لتكريس التقاسم و التشرذم
و خياركم في الخصام خياركم في الوئام.

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مؤسسات منظمة التحرير المركزي والوطني والتنفيذية منومه مغناطيسيا وتتم افاقتها عند الحاجه فقط ومن ثم تعود لسباتها،وهذا مايريدونه جماعة أوسلو ، وهم يعلمون أن أي انتخابات تجري للمجلس الوطني ستفقدهم السيطره على قرار المنظمه التي أصبحت كختم مطاطي يعتقدون بأنه يكسبهم بعض الشرعيه،لذلك ابو مازن قال ذات مره لن اسلمهم المنظمه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *