أقلام الوطن

كن ضد العروبة ولكن كُنْ جريئاً واقرأ

يشدني إنقاذ العروبة ممن مشروعهم قتلها مستغلين لحظة الانهيار الشامل اليوم

د.عادل سماره
د.عادل سماره

د. عادل سماره

ليس هذا تفصيلاً لأسباب خذلان الأنظمة العربية للقضية المركزية فلسطين فقد عالجت هذا في كتابٍيْ الأخيرين بالعربية وثالث بالإنجليزية، وهنا أستميح الكل عذراً حيث اقول بأن عدم القراءة المعمقة، أي إستقاء المواقف من تغريدات أو تحليلات على الشاشات لكثيرين تقطعهم المذيعة كالسكين وهم في أفضل نقطة تحليل فإن هذا لا يبني وعياً ولا موقفاً ذي بال وقيمة.
في هذه المرحلة أهم ما يشدني هو تأكيد أن من يقاتل وسيحرر فلسطين هم عرب فقط، ولذا يشدني إنقاذ العروبة ممن مشروعهم قتلها مستغلين لحظة الانهيار الشامل اليوم. هؤلاء لا تاريخيين يرفضون فهم أن التاريخ صعود وارتداد، أو يفهمون ذلك لكنهم يخشون قوله إرضاء لمن يتوسمونهم كسادة جدداً كي لا يغضب سيد جديد لهم من هنا ومن هناك ويدير لهم قفاه، وهو لن يفعل لأن له مشروعه الذي لا يرونه أو يرونه ولكن تأصيل التبعية فيهم يحول دون أن يسطعوا بالنقد. فالحليف والصديق إن أوجعه النقد هو عدٌو مؤجلاً.
الولولة والصراخ والنحيب والشتائم وتضخيم البعض جميعها إن قيلت وحدها هي درجات من خيانة الوعي الجمعي أي يجب مقارنتها بمواقف معاكسة لها كي تقود بل تقود المقارنة إلى إعادة البناء النفسي للناس، وإلا، يكون السؤال: ما الهدف من الشتم والنحيب وحسب! غير التعجيز واليأس. وهذا جزء تنفيذي محلي وذاتي من مخطط الغرب والصهيونية والطائفيين والقُطريين والإقليميين. حين تفهم هذا تدرك ماذا عليك فعله وأين تتخندق.
لذا، تبث القنوات سواء الجزيرة أو العربية كفضائيات معادية للعروبة أو الميادين كعربية نُطقاً تتغطى بفلسطين ناهيك عن غيرهن، بثاً متواصلاً مذبحة غزة ولا يقلن كلمة تحريض للشعب بأن يقوم بردٍ ما بل بتمرد وثورة أي أن دور هذه الفضائيات هو تثبيط الهمم وتزويق الأنظمة التي لا تفعل شيئاً بل تقوم باسوأ.
حين يكتب البعض شتماً للعرب على وضعهم الحالي، عليه أن يذكر أن عرباً غير هؤلاء حتى في الصراع العربي الصهيوني قاتلوا الكيان والغرب بأجمعه وضحى عشرات آلاف الجنود بأرواحهم في سبيل الانتصار. “ذات يوم قالها الراحل أحمد جبريل على الميادين بأن من هو معنا فليقاتل معنا” . لكنني اقول، ليُعطى كل ذي حقٍ حقه، لكن لا أكثر!
إن لم تذكر هذا مقابل ذاك، فأنت تتمترس في خندق الأعداء وخندق تسويد غير العرب على العرب وكأنك ترسم نهاية للتاريخ، وليس للتاريخ نهاية بل تغيرات.
وعلى الأقل، فاليمن عرب يردون على العدو المعولم وعلى المتخاذلين، فلماذا تجاهل موقفهم؟ بل إن إقحام من لا يقاوم بشكل حقيقي أي طائفيي النظام العراقي في المحور الحقيقي هو في الحقيقة تبخيس لليمن تبخيساً مقصودا وحين يمدح حزب العمامة أكذوبة الدور العراقي فهو يُبخِّس دوره أو يقوم بما يُملى عليه.
حتى الصدفة يمكن أن تعطينا درساً: تُقدر قيمة البضائع التي يتم نقلها عبر قناة السويس بحوالي 11 تريليون دولار سنويًا، وهو ما يمثل حوالي 30% من التجارة البحرية العالمية. عندما تم قطعها لمدة 6 أيام بسبب خلل فقط بسبب حادثة في عام 2021، قُدرت تكلفة ذلك على الاقتصاد العالمي بحوالي 9.6 مليار دولار يوميًا وفقًا لبيانات من شركة لويدز للتأمين. فهل يعلم أحد كم خسر الأعداء من تحكُّم اليمن بمضيق باب المندب؟ هل فكرتم بهذا!
بينما عبد الناصر أمم قناة السويس ولأهميتها شنت بريطانيا وفرنسا والكيان حرباً ضد مصر. فلماذا لا نذكر هذا وذاك على الأقل من أجل التعليم المدرسي.
أنا أميل لرواية أن قطع النفط عام 1973 كان مزدوج الهدف:
• السعودية تحاول شطف وجهها لعدم مشاركتها في الحرب
• وأمريكا تقوم بتتبيع أوروبا واليابان لها كلياً وما أسميته في كتابي القادم عن هزيمة النيولبرالية “إعادة إحتواء أوروبا”.
لذا، كان استخدام النفط فارتفع سعر برميل النفط من 2.90 دولار قبل الحظر إلى 11.65 دولار. بقيم اليوم، يعني ذلك الانتقال من 20 دولارًا للبرميل إلى حوالي 80 دولارًا للبرميل. خلق ذلك أزمة اقتصادية دولية وأجبر الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت على التدخل لحل الأزمة فورًا.
ومما يثبت تحليلي أن ما تراكم من أموال منذ الطفرة النفطية عام 1973 تراكم في أمريكا كأرصدة (أنظر كتاب إعترافات قاتل إقتصادي
Confessions of an Economic Hit Man is a semi-autobiographical book written by American economist and essayist John Perkins, first published in 2004.
أو للمشتريات لأسلحة جرى تخزينها حتى يتم الاعتداء بها ضد اليمن والأموال النفطية لكل الخليج لتدمير سوريا وليبيا.
تشكل دول مجلس التعاون الخليجي معًا حوالي 45% من احتياطيات النفط المثبتة في العالم و25% من صادرات النفط الخام. إيران هي ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وقطر هي السادسة.
إذن لماذا لا يقول شاتموا العروبة:فليحاول هؤلاء اليوم على الأقل تقليد امريكا والسعودية عام 1973 لمدة اسبوع واحد حتى لو ستربح من ذلك الصين والإمبريالية الهندية !
شتم العروبة لا يُنتج أحراراً بل بكَّائين ورُثاة. ولا داع لشتم الأنظمة الحالية بل مقارنة مواقفها بمواقف غيرها لأن المقارنة تؤكد أن النهوض ليس مستحيلاً.
بل إن مجرد عرض نتائج إستطلاعات الراي في الشارع العربي تعطينا درساً هاماً.
أجري استطلاع حديث في 16 دولة تمثل حوالي 95% من سكان الوطن العربي لفهم رأي الجمهور العربي حول الحرب على غزة. أظهر الاستطلاع أن 92% من العرب يعتبرون القضية الفلسطينية تهم جميع العرب وليست الفلسطينيين فقط، وأن 67% يرون أن موقف الإمارات سيء أو سيء جدًا، و64% يرون موقف السعودية بنفس الطريقة، و54% من المصريين يرون نفس الشيء.
صحيح أن هذه آراء مقيدة ومكبوتة ولكنها تؤكد أن العرب ليسوا كما يشتمهم المنهارين نفسياً أو المشبوهين وطنياً أو المأجورين مالياً.
هاجمني البعض حينما كتبت إدانة لجميع من شارك في مؤتمر أل 57 دولة عربية وإسلامية في الرياض 11-تشرين ثانٍ 2023، وهو مؤتمر الترجي والاستجداء من الأمم المتحدة كي تطلب من الكيان وقف المذبحة. وحتى اليوم لم ينتج عن كل هذا سوى طلب بايدن من الكيان أن يقلل عدد المذبوحين من 100 إلى 40 يومياً على أن توافق أمريكا على تمديد زمن العدوان /المذبحة ولذا يتم تقسيم ضحايا شهر على شهرين!
وهنا ايضاً أستدعي التاريخ، فلو كان في مصر عبد الناصر الذي قال بوضوح: “إن أخطر عدو على القومية العربية هو النظام السعودي” هل كان سيحضر هذا المؤتمر!
قد يقول البعض إن السعودية كانت تحضر مؤتمرات القمة ايام عبد الناصر، وهذا صحيح ولكن تحت مظلته وليس تحت رايتهاً.

كل الذين حضروا يعرفون أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو الحاكم الحقيقي هناك في عام 2018، خلال زيارته إلى واشنطن، ظهرت تقارير عديدة بخصوص تعليقات أدلى بها خلال اجتماعاته مع القادة اليهود حيث قيل إنه وصف الفلسطينيين بأنهم مشكلة وخلال نفس الزيارة وفي مقابلة مع مجلة أتلانتيك، قال ولي العهد محمد بن سلمان أيضًا “إن الشعب اليهودي له الحق في أرضه الخاصة”.

لا يا فتى، هذه ليست أرضهم الخاصة ولا العامة، إن لليهود أرضاً في بلدان قومياتهم وهي مئة دولة هم أصلا منها وخاصة مقاطعة بافاريا في ألمانيا وكذلك باريبيدجان في روسيا وغيرها .

بالله عليكم، إن كنتم تعرفونه: أليس من العار مجرد ذكر إسم هذا النظام السعودي فكيف بالذهاب إليه صاغرين وتحت عباءة نفس الرجل الذي أعطى فلسطين لليهود ثم تحجون إليه لإنقاذ غزة! أليست هذه إهانة للعقل الشعبي الجمعي!
لذا أكتب وأكشف كي يتأصل في ذهن الناس أن هذه الأنظمة مزيفةومن الخبث والخيانة تأجيل الكتابة إلى زمن قادم تكون الجرائم والتقصيرات قد جرت تغطيتها كإيجابيات.
لن أذكر أنه قطَّع وذوَّب جسم خاشقجي (وهو عميل مزدوج تركي أمريكي) لكن أذكره كإنسان . لماذا لا اذكره لأن جميع هذه الأنظمة مارست التقطيع بانواع متعددة من السواطير بل إن ذهابها للسعودية هو تقطيع للوعي بسواطير لا مباشرة

لذا أضطر والده سلمان لإصدار بيان بسرعة لإعادة تأكيد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وعاصمتها القدس. لكن ابنه لم يسحب ما قاله! ومع ذلك ذهبتم إلى حِمى رياض الرياض! طبعاً سلمان بقوله هذا تبرع ب 78% من فلسطين للكيان!
وماذا عن الذين وقعوا اتفاقيات أبراهام في 2020، وأعلنوا في قمة العشرين 2023 عن ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (ممر IMC ) وحاولوا تنفيس موقف اليمن بتمرير المنتجات إلى الكيان عبر هذا الطريق؟ جالستم هؤلاء في السعودية فكيف نثق بكم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *