حين ينطق القلم

من يقود التحرير يخجل من الحديث عن نفسه

بشير شريف البرغوثي
بشير شريف البرغوثي

بشير شريف البرغوثي

 

عجيب ! بحثت مطولاً عن أي مقابلة لصلاح الدين الأيوبي على كل الفضائيات فما وجدت. سألت صديقا فقال: هذا طبيعي فلم تكن هناك لا جزيرة و لا عربية و لا سي ان ان و لا فرانس 24 إلخ إلخ
قلت : بل هي موجودة في كل زمان .. و لكن من يقود التحرير يخجل من الحديث عن نفسه
كان من المفروض أن يلقي خطبة تحرير الأقصى لكنه لم يتمالك نفسه و هو يحمد الله قبل أن يصعد منبره فاكتفى بدمعتين و بآية: “ربي أوزعني أن أشكر نعمتك..” وقعد .
الفاطميون كان لديهم وزير دعاية … و الحشاشون كان تكفيهم شهرة الحسن الصباح
وبين عجز هؤلاء و شراسة داعشية الحشاشين و مفاوضة الإفرنج و قتالهم لم يكن لدى صلاح الدين وقت لإجراء مقابلات
قال أحدهم : ولكن صلاح الدين ليس عربياً بل هو كردي ! كان ذلك جهلا بأن العروبة لمن نطق بها و اعتنقها ثقافة حياة و قتال وليست انتسابا إلى أرض .
مع أن صلاح الدين من تكريت لكن لا بأس ان يكون كردي القومية عروبي الثقافة
والثقافة العسكرية عقيدة قتال أولا .. وعقيدة صلاح الدين القتالية إسلامية عربية صميمة .. نقاتل في ساحات المعارك ! نحن لسنا أهل قلاع و حصون بل أهل البر المفتوح لا نبني القلاع ولا نقاتل من وراء جدر لكن نحرر الحصون و القلاع التي بناها المحتلون بحجارة بلادنا و ترابها فآلت إلينا “فاستردينا تلك الضالة من تلك الفئة الضالة”
العقيدة القتالية عند صلاح الدين أن “نرد لهم أسراهم .. كل أسير مقابل حبله أو نعله” ليس لأننا لا نرغب في الحصول على المال و لكن حتى يعلموا أننا لا نقبل أن يتساوى في القيمة عندنا أسيرنا و أسيرهم .. و لا دم مجاهدنا بدم جنديهم و لا دية واحد منا بالواحد منهم . ذلك هو النص و ما سواه فذلكة !
ولم يقل صلاح الدين عن عدوه إنه “صليبي” بل كان يقول “الفرنجة” والإفرنج.
حين يكون صلاح الدين موجودا فسوف تنتظر الفضائيات سنوات طويلة قبل أن تحظى ببنت شفة منه!

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *