أقلام الوطن

ذباب فلسطيني على النفط

المثقف المنشبك…عمالة ذهنية

د. عادل سمارة

د. عادل سماره

 
حين يرى أي مثقف إلى قضايا مجتمعه، أمته او حتى قضايا العالم بعيني غيره، فهو في الحقيقة أعمى يُقاد بهذا العمى من الآخَر ليصبح أداة منشبكة، مثقف منشبك يصل إشفائه حالة او قدرا من الاستعصاء.
لقد راكم الغرب البرجوازي الراسمالي تراثا ضخما من الفكر الاستعماري الذي يعتبر بنية الشرق ساكنة كتيمة غير قابلة للتطور الاجتماعي الاقتصادي بذاتها وبأن تطورها يشترط ويتطلب اقتحامها من خارجها. وقد تم الارتكاز على هذه التنظيرات لتبرير الاستعمار وحتى نعته بالإيجابي ومن ثم بالضروري.
ورغم أن تاريخ الاستعمار لا يشي فقط بل يتحدث عن نفسه بأنه مثابة دمار هائل وإفقار شامل واحتجاز للتطور وصولا إلى تجريف الثروة وبمساعدة او خدمة أدوات محلية لا توجد ولا تبقى دون تصنيعه لها وحمايته لها بالطبع. ، إلا أن المثقف المنشبك أعجزمن أن يرى كل هذا.
ويتقزَّم تفكير هذا المثقف المنشبك ليكرر بشكل باهت اختصار دولة مجتمع في شخص الحاكم، ويستثني حكاما يملكون بلدا. وربما أكثر ما تكرر هذا ضد رؤساء الجمهوريات العربية بدءاً من تسمية جمال عبد الناصر ب “وحش الشرق الأوسط” The Beast of the Middle East وتكرر ذلك ضد الرؤساء الآخرين، حافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين وأخيرا بشار الأسد، بينما حافظت الأنظمة الغربية وخاصة الولايات المتحدة على علاقات “حميمة” مع حكام عرب آخرين في بلدان حُرمت من الثقافة والبرلمان والأحزاب وتم فيها تجويف الوعي لتسهيل تجريف الثروة. بل هي أنظمة تكاد تحول دون تبلور أية بنية طبقية في المجتمع، حيث تتكون من اسرة حاكمة وجلاوزتها ومن ثم بقية الشعب. فالملك أو الأمير هو الذي يملك الأرض وما عليها بما في ذلك البشر.
ومع ذلك، يحجُّ إلى تلكم الأنظمة وخاصة النفطية كثير من حاملي الشهادات التعليمية من الفلسطينيين ومن العرب، وإلى حد أقل غير العرب، ويتنوع هؤلاء بين يساري، وقومي ومتاسلم وما بعد حداثي، ليشكلوا فريق عزف شيطاني في خدمة هذه الأنظمة مكرسين إعماء الجمهور عن واقع العالم.
جاء العقد الأخير في الوطن العربي، عقد إرهاب الربيع العربي بل إرهاب الدين السياسي ولا سيما من قطر والإمارات والسعودية ، ليتوِّج اكتشاف ودور هذه الأنظمة في ربما أمرين جوهريين:
الأول: فرز وتجنيد وتثقيف قوى الدين الإسلامي السياسي الإرهابي أي تسخير قوة العمل الشابة لممارسة الإرهاب بدل الإنتاج مستغنية عن شغلهم إما بالعمل المستجلب، أو بتغطية الإنفاق بفوائض الريع
والثاني: إنفاق معظم الفوائض الريعية وحتى الصناديق السيادية لهذه الكيانات على جيوش الإرهاب بتنوعها:
• قوى الإرهاب التي جندتها من بلدانها ومن بلدان أخرى
• وتقديم المليارات للغرب العدو سواء لشراء الأسلحة منه أو تقديم خاوات بالمليارات سواء شتمهم ترامبو أم لا.
• والطابور الثقافي السادس وهو ما يوازي الأنجزة الغربية التوجيه والتمويل.
أسوأ الأمثلة على مثقفي هذه الأنظمة، “المثقف المنشبك” وأكثرها وضاعة هم “مثقفون”فلسطينيون يتراكمون في قطر كما يتراكم الذباب على مزابل بها الكثير من المواد العضوية، ويتخصصون في الهجوم على الجمهوريات العربية وإن كانوا يضيفون أحيانا جملة هنا وأخرى هناك ، اصول التبهير والتضليل، عن الكيان الصهيوني أو في أحيان أقل عن الإدارة الأمريكية.
يتلطى هؤلاء وراء الإعلام والتثقيف والتعليم الغربي بان الأنظمة الجمهورية إستبدادية. لعل أهم الفوارق بين المثقف المشتبك وهؤلاء، أن المثقف المشتبك لا ينفي عدم ديمقراطية الأنظمة الجمهورية، ولكنه لا يتجاهل دورها في مقارعة الصهيونية و الغرب الإمبريالي كعدو بالضرورة والاستمرار ولا يتجاهل مشاريعها التنموية وتوجهاتها الوحدوية وميولها العلمانية وحتى الإشتراكية وموقع المرأة المتقدم فيها، بل وإن أحد اسباب لا ديمقراطية هذه الأنظمة هو الاستهداف الغربي الصهيوني الدائم لها مما يرغمها على تضييق بعض الحريات.
لكم مثقفي كيانات النفط لا يجرؤون على توجيه اي نقد لأنظمة التبعية والكمبرادور سواء في القمع المطلق داخليا أو حتى وصولها إلى الاصطفاف والحرب ضد الجمهوريات. أما ثالثة الأثافي فهي زعم هذه الأنظمة الماقبل قروسطية أنها تهدف دمقرطة سوريا وليبيا والعرا ق واليمن!
الحالة النموذجية لمثقفي ذباب النفط هم الذين يتقاطرون إلى قَطَرْ حيث تحكم اسرة باسم الدين السياسي تسلِّم ثروة وتراب البلد للعدو الأمريكي، تخلو من برلمان وصحافة حرة وأحزاب، وتنفق ثروة البلد في تسليح وتجنيد ورشى إرهاب قوى الدين السياسي.
وبعد هذا، تجد كثير من “المثقفين” الفلسطينيين يزحفون على رموشهم في بلاطات هذه الإمارة ليدوس على انبطاحهم الجند الأمريكي. وبعد هذا يهاجمون ما يسمونه” الاستبداد”!
المثير للهزء الحقيقي، أن هؤلاء أبواقا يُضخُّ فيها النفط لتحرق الوعي.
تباً للعميان الذين يرون هؤلاء نيازكاً

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *