أقلام الوطنحين ينطق القلم

تاريخ من الخرس

بشير شريف البرغوثي

 

حين تتفق روسيا و أمريكا فإن على الدول أن ترتجف و حين تختلف الدولتان فإن على الدول الأخرى أن ترتجف و حين يصبح العالم متعدد الأقطاب فإن على الدول الصغيرة أن ترتعد

عالم متوحش .. و على أضعف غزال أن يكون أسرع من أقوى أسد كي ينجو

حين-ينطق-القلم
حين-ينطق-القلم

إذا أرادت الصومال مثلا أن تصبح دولة عادية مثلا فإنها يجب أن تكون أسرع نموا من أقوى الدول الصناعية و أكثر حزما في أمنها الداخلي من أمريكا .. و هذا مستحيل طبعا

لذلك فإن الدولة الصغيرة التي تقع في هذا المسلخ الدولي لن تقوم لها قائمة .. ستنهال عليها السكاكين من كل حدب و صوب

في أوائل كانون أول 1989 كان مد أمواج البحر الأبيض المتوسط صاخبا عاليا و لكن بوش الأب و غورباتشوف ( الإبن) كانا يتصفحان روايات مكسيم غوركي بهدوؤ داخل سفينة روسية تحمل اسم هذا الأديب العالمي،سألت يومها أحد الأصدقاء : ما الأخبار؟ قال باقتضاب: الجو مضطرب لكن أراهن أن كل الرؤوس الحامية في العالم سوف تطير !

عجبا ! كانت كل عناوين المؤتمر تتحدث عن خفض التسلح و التعاون و السلم و ألخ … هذا صحيح و لكن تجربة العالم بعد غلاسكو كانت تنفيه .. و ما رشح من قمة ريكافيك كان يؤكد أن هدوء الدول الكبرى هو من سخط الله و التاريخ على الدول الصغيرة !

لكن من هي الرؤوس الحامية ؟ لا فرق بين بلغراد أو بغداد .. المهم توفير الحجج قلنا إذن العراق ستكون الضحية الأولى .. و قرأنا لنورد دايفز و غيره أنه لن يقوم الهيكل إلا بعد تدمير بابل و قصف العراق حتى يعود إلى العصر الحجري … قال الإخوة العراقيون : ” هذا أبد ما يصير !! لن تسلم امريكا المنطقة إلى إيران و بالتالي لن تفرط بالعراق” انخرسنا !

قلنا إن تركيا ستكون ذات دور خطير … قال الجميع ” مستحيل” تركيا سوف تصبح دولة إسلامية و علاقاتها ممتازة مع كل الدول العربية و الإتقاقيات الثنائية تنظم حقوق الدول المتشاطئة و ألخ انخرسنا !

و للخرس بقية و بقايا.

 

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *