كلمه و نص

الإحتفاظ بحق الرد

بشير شريف البرغوثي
بشير شريف البرغوثي

بشير شريف البرغوثي

 

لمن يسخرون من عبارة ” الإحتفاظ بحق الرد” .. ألا تلاحظون أنكم أول من يدافع عن عدم الإحتفاظ بأي حق ؟
لا ينبغي لعربي يحترم نفسه أن يسخر من هذا الإعلان طالما هو أصلا عاجز عن الرد و طالما هو لا يحتفظ بحق الرد و طالما نسي أن له حقا مغتصبا أصلا
لكن لا بأس من التوضيح لعل و عسى :
كانت عقدة المفاوضات الأمريكية مع سوريا هي : إستدراج امريكي لسوريا كي تقبل بجزء من الجولان خوفا من ضياع الجولان كله
كان الموقف السوري هو : انتم لا تدعوننا إلى استعادة نصف الجولان بل نفهم أنكم تدعوننا إلى التنازل عنه كله
كان الأمريكان يلوحون بأن الوقت يعمل لغير صالح سوريا و كانت سوريا مصرة على أن الوقت لا يزال مبكرا يمكن منح إسرائيل عدة قرون من العدوان قبل التخلص من احتلالها نهائيا
ثبتت إسرائيل حق الرد الإستباقي ( منطق حق القوة) فثبتت سوريا منطق الإحتفاظ بحق الرد ( قوة الحق)
اعتمدت إسرائيل على قوة الأمر الواقع و اعتمدت سوريا على مخزون الطاقة الكامنة
تميز اللعب الإسرائيلي بقصر النفس و بعدم الإلتزام بقواعد اللعب
وتميز الموقف السوري بطول النفس و الإلتزام يقواعد القانون الدولي كحد أدنى اتفقت عليه دول العالم
تراهن إسرائيل على أوهام الماضي و تراهن سوريا على حقائق المستقبل
لذلك نجد قصار النفس يسخرون من مبدأ الإحتفاظ بحق الرد .. و يسخرون من سنن الحياة و من قوانين الصراع .. يستعجلون العذاب و هو واقع بهم و لكن في موعده لا حسب قصر أنفاسهم
أما الأيدي المتحفزة على أزرار إطلاق الصواريخ و العيون الساهرة تحمي السماء في ظلمة العدوان و تحيل صواريخ العدو شظايا فهي لا تأبه بقصار النفس بل تعمل بدأب و تقاتل بثبات و تدفن شهداءها بكل فخار و تنتصر .. بكل تواضع لأنها تميز جيدا بين التواضع و الضعة.

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *