أوراق أدبيةحين ينطق القلم

بين البندقية القديمة و حاملها علاقة عشق لا يعرفها إلا من عاشها

بشير شريف البرغوثي

 

بين البندقية القديمة و حاملها علاقة عشق لا يعرفها إلا من عاشها .. لكن ما سر تلك العلاقة ؟ لماذا لا يبدل الثائر الحق بارودته القديمة بأحدث الرشاشات الآلية ؟ كما لايبدل العاشق معشوقته بملء الأرض صبايا ..
” تردف ” البندقية القديمة فتهز الكتف بعنف الثورة و عنفوان الشباب .. تعيد الدم إلى الوريد معجزة سماوية .. لا يتأفف المقاتل من ردف بارودته حتى لوخلعت كتفه من جذورها .. إنه يعشقها و يعشق سر الحياة عند نفض الدم في الوريد
ربما أخمصها أو كعبها الخشبي .. يسمح للمقاتل أن ينقش بإبرة التنظيف او السيخ .. اسم أمه و حبيبته و بلاده على كعب البندقية .. حنين ليس لمثله مثيل في أخماص الرشاشات الحديدية
ربما لأن البارودة القديمة فارعة الطول كقد الحبيبة .. و ليس ذلك لقوام الرشاشات الحديثة
ربما لأن البارودة القديمة خشبية الكعب تظل دافئة ..و تدفيء جسد المقاتل حين يحضنها تحت بطانيته العسكرية الخشنة كي يحلم بالوطن الدافيء و الشمس المشرقة
ربما لأن الرشاش الحديث وليد فورة نفط على حين ان البارودة القديمة جاءت من صهر إسورة ألجدة و خاتم الأم و قلادة عنق الحبيبة
ربما لأن البارودة العتيقة هي تواصل كفاح الآباء و الأجداد مع الأحفاد .. و ليست نتاج صفقة مشتريات بتمويل دول مانحة مانعة
لا أدري لكن رائحة خشبها العتيق لا تزال تعطر أنف الشهيد !!

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *