أقلام الوطن

الذكرى الثانية والسبعون للنكبة وحق العودة

د. غازي حسين
د. غازي حسين

د. غازي حسين

 

 

تمر في هذه الايام الذكرى 72 للنكبة و المساعي الاميركية تتركز حاليا على تصفية قضية فلسطين  بعد تهويد وضم القدس والجولان والتطبيع وصفقة القرن وإنهاء الصراع وإقامة “اسرائيل” العظمى الاقتصادية من خلال نيوم ومشروع الشرق الاوسط الجديد ومن النيل الى الفرات.

نتجت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عن مخطط الترحيل الصهيوني الذي وافق عليه المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون في مدينة زيوريخ عام 1937 , وعن لجان الترحيل التي شكلتها الوكالة اليهودية ,وعن قرار التقسيم غير الشرعي ,و المجازر الجماعية التي ارتكبتها العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة , والتطهير العرقي الذي نفذه الجيش الإسرائيلي , و استغلال المحرقة (الهولوكوست النازي) لتبرير الابادة الجماعية للشعب العربي الفلسطيني . وادت الى ترحيل حوالي مليون فلسطيني وحدوث النكبة في 15 أيار 1948. واصبحت ذكرى نكبتنا عيدهم و نكبة الامة من المحيط الى الخليج.

وأصبحت منذ ذلك التاريخ عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم جوهر قضية فلسطين انطلاقا من الميثاق الوطني و مبادئ القانون الدولي والقرارات الدولية قراري الأمم المتحدة  181 و 194   وقرار مجلس الأمن 237, واسوة بالتعامل الدولي.

يعتبر فقهاء القانون الدولي إن حق الإنسان في العودة إلى منزله نتيجة طبيعية لحق المواطن الأساسي في حرية التنقل والعودة ,وان العودة للأشخاص الذين يرغمون على مغادرة منازلهم بسبب قوة قاهرة كالحرب ملزمة , ولا مجال للطعن في حقهم في العودة إلى منازلهم ,وهذا المبدأ هو من المبادئ الطبيعية للإنسان. ومن المبادئ الأساسية الستة الملزمة في القانون الدولي. وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكرّس هذا المبدأ في مادته الثالثة عشر, وثبتته الأمم المتحدة في القرار 194 الصادر عام 1948, وعندما تقدمت “إسرائيل” بطلب الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة اشترطت عليها المنظمة الدولية تنفيذ قراري الأمم المتحدة رقم 181 و 194 .

وكعادة اليهود في الكذب و التضليل و الخداع تعهدت “إسرائيل” أمام المنظمة الدولية بتنفيذ القرارين وتقدمت بطلبها الثاني لقبول عضويتها وتمت الموافقة عليه شريطة تنفيذ القرارين المذكورين. ولكنها تنكرت للتعهدات التي قطعتها على نفسها أمام الأمم المتحدة بعد أن دخلت في عضويتها, وتنكرت ايضا بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 237 الذي نص على عودة اللاجئين الذين هجرتهم إبان حرب حزيران العدوانية عام 1967 على الرغم من أن عودتهم الى ديارهم ملزمة تطبيقا لمبادئ القانون الدولي .

تأسست “إسرائيل” بسبب استغلال اليهودية العالمية والدول الاستعمارية للابادة النازية (الهولوكوست) لتبرير النكبة وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وعمليات التطهير العرقي في حرب عام 1948 .

 أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم الذين هجرتهم “اسرائيل” منها في النكبة 1948 وفي الحرب العدوانية 1967 حق أساسي من الحقوق الطبيعية للإنسان ينبع من قدسية حق المواطن في وطنه الذي لا يزول بزوال الدول أو بتغيير السيادة , وهوغير قابل للتصرف ولا تجوز فيه الإنابة أو التمثيل , وعادل ومقدس ولا يسقط بالتقادم و فردي وجماعي انطلاقا من القانون الدولي العام والإنساني وحق الشعوب والأمم في تقرير المصير والحقوق التاريخية للعرب في فلسطين .

  أن العهود و المواثيق والقرارات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 تؤكد على حق العودة الطبيعي للإنسان إلى منزله كأحد قواعـــــد القانون الدولي الأساسية , مما يزيد من مسؤولية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي  في العمل على تنفيذ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهــــم و استعادة أرضهم وممتلكاتهم و تعويضهم عن الخسائر و الأضرار التي أنزلتها “إسرائيل” بهم طيلة الـ 72عاما الماضية أسوة بالتعامل الدولي وتنفيذاً للقانون الدولي والقرارات الدولية.

 

 وان مسؤولية الأمم المتحدة تجاه تطبيق حق  عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم مسؤولية تاريخية و قانونية ملزمة مرتبطة ارتباطا وثيقا بقرار التقسيم رقم 181 و الذي بموجبه تأسست “إسرائيل” و بقرار حق العودة رقــــــم 194 و قرار قبول “إسرائيل” في الأمم المتحدة المشروط بتنفيذ القرارين رقم 273 و قرار مجلس الأمن الدولي رقم 237 ان اسرائيل كاذبة ومضللة ومخادعة غريبة عن فلسطين دخيلة عليها و معادية للشعب الفلسطيني والعروبة والإسلام لا تحترم الاتفاقات التي توقّعهاوالعهود والمواثيق والقرارات الدولية.

“إسرائيل” هي التي أجبرت اللاجئين الفلسطينيين على الرحيل , و اغتصبت أملاكهم و أراضيهـــــم ودمرت قراهم. وأقامت على أنقاضها المستعمرات اليهودية . وتعمل على ترحيل الفلسطينيين و إحلال مستعمرين يهود محلهم  و إبادتهم وتدمير منجزاتهم وعرقلة تطورهم وتقدمهم وممارسة العنصرية والتمييز العنصري والإرهاب تجاهم  وصولا إلى التطهير العرقي بحقهم الذي يعتبر من أكبر جرائم الحرب في القانون الدولي العام والإنساني. . لذلك يجب تقديم قادتها المحكمة الجنائية الدولية ومحاكمتهم كمجرمي حرب أسوأ من مجرمي الحرب النازيين.وإلّافلتذهب قيادة منظمة التحرير الى ألف جحيم و جحيم.

زعمت قبل 72 عاما ورسخت في كتب التاريخ أن القادة العرب هم الذين طلبوا من اللاجئين مغادرة وطنهم . وجاء المؤرخون الجدد فيها وأعلنوا ” إن ترحيلا جماعيا و قسريا قد ارتكبته “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني عـام 1948  .

وجاء اتفاق الاذعان في اوسلو وقفز عن حق العودة استجابة للمخطط الصهيوني بمقايضة حق العودة بدويلة الحكم الذاتي المنقوصة الارض و الحقوق والسيادة والسكان. وجاءت معاهدة وادي عربة ونصت في المادة الثامنة الفقرة الثانية على توطين اللاجئين .

يعني التوطين تحقيق هدف أساسي من أهداف المشروع الصهيوني بإلغاء حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم واستعادة أراضيهم و ممتلكاتهم المغتصبة , و إلغاء الوضع القانوني و السياسي للاجئين , أي إلغاء الالتزام الدولي بقضية اللاجئين و بالتالي يلحق التوطين أفدح الأخطار بماضي و حاضر ومستقبل حوالي ستة ملايين لاجـــــئ فلسطيني و بمصيرهم الوطني  و القومي و الديني و الإنساني في وطنهم فلسطين , ويقضي على آمالهم واحلامهم في العودة الى ديارهم التي بدأت بالنكبة منذ 72 عاما ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

ان توطين اللاجئين الفلسطينيين مخطط وهدف ومصلحة اسرائيلية وتحقيقا لاملاءات أميركية وصهيونية لتحقيق النقاء العرقي لدولة اليهود وتهجير جميع الفلسطينيين لتصفية القضية وإنهاء مشكلة اللاجئين و لتحويل “اسرائيل” الى أكبر غيتو ودولة نقية خالصة لجميع اليهود في العالم وقاعدة ثابتة وثكنة عسكرية لأمريكا واليهودية الامريكية ومعادية لجميع شعوب الشرق الاوسط على حساب عروبة فلسطين و الشعب العربي الفلسطيني وحقوق العرب و المسلمين فيها .

إن القبول العربي بالتوطين يعني القبول بإملاء اميركي اسرائيلي لاقامة أكبر غيتو يهودي عنصري وارهابي في قلب الوطن العربي وتصفية قضية فلسطين والقضاء على عروبتها وتهويد القدس مدينة الإسراء والمعراج .

أن قضية اللاجئين التي خلقتها اسرائيل جراء النكبة قادت الى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني وانطلاق المقاومة الفلسطينية المعاصرة من دمشق, وأن اي حل يتجاهل حقهم في العودة الى ديارهم واستعادة ارضهم وممتلكاتهم لن يقود ابدا الى الهدوء والاستقرار إلى السلام العادل والشامل والدائم .

فاللاجئون الفلسطينيون يصرون على حقهم في العودة إلى ديارهم لأنه حق أساسي وعادل ومقدس وجزء من العقيدة القومية تؤكده مبادئ القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة .

ان الشعب العربي الفلسطيني وبعد مرور 72عاما على النكبة يتمسك بحقه في العودة أكثر من أي وقت مضى , ولن يسلم ابدا باغتصاب أرضه وحقوقه ومقدساته , ويصر على إجبار الكيان الصهيوني على تحمل المسؤولية التاريخية و القانونية والمادية على نكبته , ويؤكد ان مصيره كآخر كيان استعماري استيطاني و نظام عنصري في العالم الى الزوال كما زال الاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر والنازية من ألمانيا ونظام الأبارتايد من جنوب افريقيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *