أقلام الوطن

هتلر مؤسس “إسرائيل”

د.غازي حسين

أعلن الكذّاب نتنياهو في تشرين أول 2015 أنّ مفتي القدس القائد الفلسطيني الكبير  هو الذي أقنع هتلر بتنفيذ “الهولوكوست” بحق اليهود في أوروبا ، وقال أمام المؤتمر الصهيوني العالمي  في القدس أنّ هتلر كان يريد طرد اليهود من أوروبا فقط ، ولكن مفتي القدس آنذاك الحاج أمين الحسيني أقنعه أنّه ينبغي إزالة اليهود من الوجود أي إبادتهم وإلّا فإنهم سينتقلون إلى فلسطين ، وكان ذلك في عام 1941  أي بعد سبع سنوات من توقيع الحركة الصهيونية مع وزارة الاقتصاد النازية اتفاقية هافارا لترحيل اليهود إلى فلسطين فقط، ومضى هتلر يقول للحاج أمين الحسيني على ذمة الفاشي والكذّاب نتنياهو ماذا عساني أن أفعل فأجاب مفتي القدس بحسب الكذّاب نتنياهو ” أحرقهم” فهل يتقبل عقل الإنسان  السليم هذه الأكذوبة الصهيونية الخطيرة والحقيرة؟

 أراد هتلر ترحيل اليهود بالتعاون مع الحركة الصهيونية إلى فلسطين فقط لتنظيف ألمانيا وأوروبا  منهم وللتخلّص من دسائسهم و لإقامة “إسرائيل” في فلسطين لحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب العربي .

تؤكّد الوثائق الألمانية  وكتاب كفاحي لهتلر عدم صحة أكذوبة نتنياهو بأنّ مفتي القدس هو الذي أقنع هتلر بإبادة يهود ألمانيا و انما هتلر اتفق مع الحركة الصهيونية بموجب اتفاقية هافارا بتهجير اليهود لحل المسألة اليهودية في أوروبا وإقامة “اسرائيل” في فلسطين.

إنّ هدف نتنياهو الحليف الجديد لآل سعود وثاني ونهيّان من أكذوبته هو تحريض يهود العالم  على شعبنا الفلسطيني المظلوم وتبرير تهويد القدس والمسجد الأقصى ، وبالتالي يهدف نتنياهو من أكذوبته الخطيرة والهمجية تشويه التاريخ وتبرئة للتطهير العرقي الذي مارسته ألمانيا النازية بحق اليهود غير الصهاينة . 

واعتبرت دينا بورات كبيرة المؤرخين في مركز الهولوكست بإسرائيل أن ملاحظات نتنياهو لا تتسم بالدقة ، وأنّ المفتي لم يكن هو الذي أوحى لهتلر بإبادتهم ، فالفكرة بحسب قولها تسبق لقاء الحسيني بهتلر في تشرين الثاني 1941 ، وتعود إلى كلمة ألقاها الزعيم النازي في الرايخستاج 30 كانون الثاني 1939.

دفعت كراهية وحقد نتنياهو للشعب الفلسطيني ورغبته في تهويد واستعمار فلسطين من البحر إلى النهر بالأكاذيب اليهودية إلى تبرئة هتلر أكبر مجرم حرب وعنصري متطرّف  ارتكب جريمة إشعال الحرب العالمية الثانية وجرائم التطهير العرقي، ودفعت أكذوبة نتنياهو الحقيرة التي حاول إلصاقها بالقائد الفلسطيني الكبير بوزير الحرب السابق الجنرال يعالون إلى التصريح ” بأنّ ما قاله رئيس الحكومة خاطئ ، وبالتأكيد لم يكن الحسيني مبتكر الحل النهائي بل كان ابتكاراً شريراً لهتلر نفسه” ، وأكّدت الحكومة الألمانية بعد تصريحات نتنياهو أنّ ألمانيا النازية هي المسؤولة عن المحرقة.

وعلّق الناطق باسم المستشارة الألمانية ميركل ردّاً على سؤال حول تصريحات نتنياهو وقال : ” كل الألمان يعرفون هوس النازيين الإجرامي  بالأجناس الذي أدّى في نهاية المطاف إلى المحرقة” .

وأكّد المسؤول النازي عن المسألة اليهودية أدولف أيخمان الذي اختطفته “إسرائيل” من الأرجنتين  و أعدمته بتاريخ 15/06/1962 في سجن الرملة أن مناقشة خطة الحل النهائي للمسألة اليهودية تمّت في مؤتمر فانسي في برلين بتاريخ 20/01/1942 ، وأقر المؤتمر الترحيل القسري المنظّم لليهود إلى معسكرات الاعتقال بهدف ترحيلهم خارج ألمانيا ،و منح المرحلين إلى فلسطين فقط تعويضات على شكل بضائع ألمانية تصل بحراً إلى تل أبيب ، وتقوم الوكالة اليهودية ببيعها في الأسواق الفلسطينية والسورية واللبنانية والعراقية .

استغلت الحركات اللاسامية والنازية والصهيونية وبريطانيا”اليهود” لحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب العربي الفلسطيني المظلوم و بعزلهم عن مجتمعاتهم ومقاومة اندماجهم وتهجيرهم إلى فلسطين ، واستغلال جرائم النازية لإقامة “إسرائيل” فيها .

وجاء اختراع اليهودية الأمريكية للهولوكوست والمبالغة فيه في الستينات من القرن العشرين لتقوية مكانتها وإحكام سيطرتها على صنع القرارات الأمريكية وبالتعاون والتنسيق الكاملين مع المسيحية الصهيونية، وأشعلت “إسرائيل” حرب حزيران العدوانية عام 1967 بالتنسيق والتعاون مع الرئيس الأمريكي ليندون جونسون ، واحتفلت اليهودية العالمية بالنصر الإسرائيلي وأحكمت اللوبيات اليهودية الأمريكية سيطرتها على الكونغرس والبيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي الأمريكي ، وفقدت أمريكا بصرها و بصيرتها وأبسط مفاهيم ومبادئ القانون الدولي ، ودعمت الأكاذيب اليهودية لتهويد فلسطين العربية. 

وقامت الدول الأوروبية بإصدار القوانين التي تسمح بسجن العلماء والمثقفين الأوروبيين الذين ينكرون الهولوكوست ، أو بتضييق الخناق عليهم وتسريحهم من وظائفهم وإسكات الأصوات التي ترفض  وتستنكر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها “إسرائيل” ، وهكذا توظّف القوانين في الدول الغربية لإسكات أفواه من حاول ويحاول تكذيب رقم ستة ملايين بالسجن أو بالتسريح من عمله وعزله عن مجتمعه لحمل شعوب وحكومات العالم القبول بإسطورة قتل ستة ملايين يهودي وبفرض التعتيم الإعلامي وعدم البحث عن الحقيقة ، واخترع المنتصرون الكثير من شهود الزور لترسيخ الأكذوبة الصهيونية و أدلوا بشهادات كاذبة ، وانتجت هوليوود مئات الأفلام لترسيخ هذه الأكذوبة .

واعتمدت الصهيونية و”إسرائيل” على تفسير خاطئ لعبارة الحل النهائي التي أقرّت في مؤتمر فانسي ببرلين، وتعني بعد العودة إلى وثائق المؤتمر ليس إبادة جميع اليهود في أوروبا كما أشاع المؤتمر اليهودي العالمي، وإنما تنظيف ألمانيا والمناطق التي احتلتها في أوروبا من اليهود وتهجيرهم فقط إلى فلسطين تحقيقاً للهدفين النازي و الصهيوني لإقامة “إسرائيل” في فلسطين .

ساهم هتلر ذو الأصول اليهودية ( والده وُلد من جدته النمساوية التي صادقت اليهودي الفيناوي كلاينبيرجر) في دعم الهجرة اليهودية إلى فلسطين ويعتبره بعض المؤلفين الألمان أنه “مؤسس “إسرائيل” لأنّ مصلحته التقت مع مصلحة الصهاينة بعزل اليهود ومنع اندماجهم في المجتمع الألماني ، وتنظيف ألمانيا منهم وتهجيرهم إلى فلسطين، وكانت أكبر خدمة قدمها هتلر للحركة الصهيونية هو طرد يهود ألمانيا وأوروبا بالتعاون مع الصهيونية ونقلهم بمساعدة ألمانيا النازية فقط وسرّاً إلى الحدود الفلسطينية اللبنانية والسورية وإدخالهم إلى فلسطين العربية .

لم يكن مفتي القدس على علم بالتعاون الرسمي بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية، وكان موقف الحركة الوطنية دائماً في الماضي قبول فكرة التعايش مع اليهود ورفض قبول إقامة كيان صهيوني في فلسطين قلب الوطن العربي والمنطقة العربية والإسلامية ، و كأكبر  غيتو يهودي عنصري و استعماري وإرهابي في العالم.

فالخطاب العربي و الاسلامي والعالمي الفكري والسياسي كان ولا يزال يرفض رفضاً قاطعاً التعاون مع الأيديولوجيات العنصرية كالنازية واللاسامية والصهيونية و الأبارتايد ومستنكراً بشدة نظرية تفوّق العرق الآري و جرائم النازية بحق اليهود والمعادين لها و الأبارتايد الإسرائيلي بخلاف الحركة الصهيونية التي تعاونت مع النازية والدول الاستعمارية والحركات اللاسامية لإقامة “إسرائيل” ، ويعتبر هتلر المؤسس الحقيقي لإسرائيل ، لذلك رفض بيع أسلحة ألمانية للحاج أمين الحسيني وفوزي القاوقجي خشية من إغضاب بريطانيا قبل اشتراكها في الحرب ضد ألمانيا النازية .

كان هناك التقاء مصالح وتعاون بين هتلر واليهود الصهاينة  لتهجير اليهود إلى فلسطين وإقامة “إسرائيل” فيها ، وكانت الصهيونية متواطئة مع هتلر ضد اليهود الاندماجيين الذين آمنوا أنّ ألمانيا هي وطنهم الحقيقي .

برّأ الفاشي نتنياهو حليف محمد بن سلمان لحقده وكراهيته للفلسطينيين هتلر من جريمة اضطهاد اليهود ، وحمّل الكذّاب نتنياهو كذباً وبهتاناً  مفتي القدس المسؤولية ليشحن اليهودية العالمية والمسيحية الصهيونية والدول الغربية ضد الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين .

ويعود سبب كراهية هتلر لليهود لأنّه اعتبرهم السبب الرئيسي في هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ، وهم السبب في تدمير بلدان الشرق الأوسط (فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وليبيا) .

حرّض نتنياهو يهود العالم على القائد الفلسطيني الكبير الحاج أمين الحسيني بزعمه أنّه أقنع هتلر بإبادة اليهود ، وبرّأ الكذّاب نتنياهو مجرم الحرب هتلر من جريمته النكراء ووضع مسؤوليتها على عاتق الحاج أمين الحسيني تماماً كما يفعل حالياً  مع المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بالتنسيق مع آل سعود وبقية دول الخليج ويصفها بالإرهاب .

اضطهد هتلر اليهود غير الصهاينة وتعاون رسمياً مع اليهود الصهاينة ، لأنهم كانوا يمثلون خطراً سياسياً  على نظريته العرقية ، وأراد هتلر تنظيف ألمانيا منهم وإرسالهم إلى فلسطين .

إنّ تصريحات نتنياهو باتهام مفتي القدس بأنّه هو الذي أقنع هتلر بإبادة اليهود تعكس كراهيته اللئيمة والحقيرة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني و للنضال الفلسطيني ، و لأعدل قضية في تاريخ البشرية ، وهي تصريحات هيستيرية كاذبة كعادة اليهود في الكذب ، و تستوجب من ألمانيا رفضها وشجبها والتخلّص من ابتزاز الصهيونية و”إسرائيل” ومن عقدة الذنب، لا سيّما وأنّ ألمانيا اقتلعت النازية من جذورها .

زالت النازية من ألمانيا والفاشية من إيطاليا وإسبانيا والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر والعنصرية من روديسيا والبرتغال و الأبارتايد من جنوب إفريقيا ومصير الصهيونية كأيديولوجية عنصرية وكيان استعمار استيطاني في فلسطين العربية  إلى الزوال .

 

د. غازي حسين

عضو جمعية البحوث والدراسات-اتحاد الكتاب العرب بدمشق عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين –عضو رابطة الكتاب الاردنيين ولد بتاريخ 10/9/1938 في بلدة سلمة (قضاء يافا) التي احتلتها العصابات اليهودية المسلحة بعد مجزرة دير ياسين في أواخر شهر نيسان عام 1948. أنهى الدراسة الابتدائية والثانوية في كلية النجاح الوطنية بنابلس. انتخب عام 1954 كرئيس لمؤتمر الطلبة الأردني بلواء نابلس. اعتقل عدة مرات في الأردن ونفي إلى معتقل الجفر بسبب نشاطاته السياسية. بدأ دراسة الحقوق في الجامعة السورية بدمشق وأكملها في ألمانيا ونال هناك الماجستير في الحقوق عام 1962، ودكتوراه في القانون الدولي عام 1966، ودكتوراه في العلوم الحقوقية عام 1974. مارس تدريس القانون الدولي في جامعات ألمانيا ودمشق (المعهد العالي للعلوم السياسية). عمل كمستشار في القصر الجمهوري بدمشق وكسفير لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الحكومة النمساوية في فيينا، وكممثل للمنظمة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووكالة التنمية الصناعية (يونيدو) في فيينا. وشارك في أهم المؤتمرات الدولية التي عالجت قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني، و كمستشار قانوني ورئيس إدارة في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بدمشق، وعضو سابق في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، وعضو سابق في القيادة العامة لطلائع حرب التحرير الشعبية- قوات الصاعقة ورئيس الدائرة السياسية وأمين سر اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية، وعضو الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية، وعضو الأمانة العامة في التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة وعضو هيئة تحرير مجلة الفكر السياسي في اتحاد الكتاب العرب. مؤلفاته: 1-اسرائيل الكبرى والهجرة اليهودية- دراسة.1992. 2-الفكر السياسي الفلسطيني-1963- 1988- مطبعة رانيا عام 1993. 3-الصهيونية ايديولوجية عنصرية كالنازية (بالعربية عام 1968) و(الألمانية عام 1971). 4-الغزو الاسرائيلي للبنان- (مجموعة من الباحثين) دمشق 1983. 5- انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان العربي عام 1969. 6- الهجرة اليهودية وأثرها على طاقات إسرائيل الاقتصادية والعسكرية عام 1974 بالعربية وعام 1975 بالإنكليزية. 7- فلسطين والأمم المتحدة عام 1975. 8- عدالة وسلام من أجل القدس، باللغة الألمانية في فيينا، عام 1979. 9- النظام الإقليمي والسوق الشرق أوسطية عام 1994. 10- الصراع العربي - الإسرائيلي والشرعية الدولية عام 1995. 11- الشرق أوسطية إسرائيل العظمى، دمشق 1995. 12- الصهيونية زرع واقتلاع (اتحاد الكتاب العرب - دمشق) 1966. 13- ياسر عرفات من التوريط إلى التفريط - دمشق 1996. 14- القمم والمؤتمرات الاقتصادية والأمنية: من التطبيع إلى الهيمنة - اتحاد الكتاب العرب - دمشق عام نبذة مأخوذة من موقع اتحاد الكتاب العرب بدمشق عن الدكتور غازي حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *