عدو مأزوم وليس بعضه…وماذا عنَّا بحصر الصراع دينياً؟
د.عادل سماره
اعتاد الكيان أن يعتدي وينتهك ويتوحش دون رد حتى لو أقل من ملائم. لذا، وهو ملجوم اليوم يعيش أزمة استعادة ماضٍ لم يعد ممكنا وربما حتى لو بثمن باهظ. عدو لو كان يعلم أن كتفنا سيوازي كتفه أو يقترب منه ذات زمن لما اختار اغتصاب فلسطين أي لما وافق أن يُؤتى به إلى فلسطين حيث من السهل عليه أن يطرح عنه اساطير شعب مختار وأرض الميعاد…الخ كمرتكزات من قش.
كان التفكير الغربي الراسمالي الاستعماري ومن ثم الإمبريالي بأن المطلوب قاعدة عدوانية/مخفر، مخلب قط ضد كامل الأمة العربية.
يعود اعتياد الكيان على الشعور بالقوة إلى صورة بل حقيقة الأنظمة العربية التابعة للإمبريالة وخاصة البريطانية. ألم يقل ونستون تشرشل رئيس وزراء العدو البريطاني عام 1945 حينما قيل له بأن العرب سيغضبون من تمكين المستوطنين من إقامة دولة في فلسطين حيث قال بما معناه: “واصلوا ذلك ولن يجرؤ اي كلب عربي على الاعتراض”.
كان تشرشل على ثقة بأن الأنظمة العربية هي من تمفصلات سياسة بريطانيا وفرنسا ليس فقط في “فرق تسد” بل لأن الكيانات العربية الرسمية هي من صنعهما. فهي أنظمة تم تركيبها على اشلاء الوطن الذي يجب أن يتوحد، لذلك فوظيفتها القتال لبقاء التجزئة ومن ضمنها بقاء الكيان. وعليه، فإن وجود هذه الأنظمة والكيان هو وجود يربطه حبل سُرِّيْ.
ما حصل في حرب الاستنزاف بعد 1969، وحرب أكتوبر اللتين رغم تآمر حاكم مصر أحرز الجيشان السوري والمصري انتصارا بلا شك. هذا على صعيد الجيوش النظامية، أما على صعيد المقاومة فقد كان تحرير جنوب لبنان وانتصار 2006 وفي غزة 2014 و 2021 كانت كل هذه تحديات كلبشت يد الكيان. لذا يعيش أزمة أن يعتدي أم لا، أن يلجم المستوطنين أم لا. فعدم الاعتداء ولجم المستوطنين هو تاكيد عجز الجيش وخلخلة الإيديولوجيا الاستيطانية وخسران هذين المقومين يعني نهاية مؤكدة، لا يهم متى! والعدوان وإفلات المستوطنين يعني بالمقابل الاستعداد لدفع ثمن متدرِّج لا يعرف العدو سلفا مدى تدرجه.
وهنا يجب التذكير بأن العدوان ليس مشروطا بقدرة أو رغبة نتنياهو وحده، بل مجمل قيادة الكيان سواء العسكرية أو السياسية وهذا ابعد من حكومة نتنياهو اي يشمل الحكومة المتوقعة مما يعني أن اي عدوان هو من الكيان ككل وليس فقط من أحد أطرافه لأن المشكلة لديهم ليست مناقشة مدى العدوان ولا أحقاد شخص بل كيف يُعيدوا ما فقدوه من إمساك مطلق ومريح بقرار العدوان.
من جهة ثانية، وقف كامل الغرب بل كامل الثورة المضادة علانية مع الكيان سلاحا وسياسة وإعلاما، وهذا يعزز احتمال العدوان ولو بشكل موضعي وتكتيكي، اي دخول مستوطنين إلى الأقصى، ومصادرة أرض في هذه القرية اوتلك، لأن فلسطين ليس الأقصى وحده وليست القدس وحدها. علينا أن نُقلع عن القراءة الدينية البحتة للصراع فالعدو هنا ليس فقط لاحتلال الأماكن المقدسة. ألم يحصل تدنيسها بعد عقود من اغتصاب الوطن بأكمله! بل هي أول الأماكن التي يسمح ب “الحرية ” فيها إذا اعطيناه فلسطين. صحيح أن تحريك مشاعر المسلمين والمسيحيين مهم، ولكن دون أن نوصلهم لحظة ضياع البوصلة بأن المغتصب هو الوطن اساسا وأخيراً.
في المقلب الآخر، فإن محور المقاومة حتى وقت الانتصار يعاني إشكالات حادة. ففي حين تتم محاولات مصالحة دمشق مع حماس تخرج علينا حماس بموقف في اليمن موقف “حياد” !! اي حياد في مقاومة شعب ضد انظمة وقوى الدين السياسي والصهيونية والإمبريالية! بقول مختصر، ما يشد حماس هو إيديولوجيا الدين السياسي التركي وفلوس قطر والطائفية . بل كأنها في موقفها من اليمن كأنما تقول لإيران كونوا طائفيين كي نبرر طائفيتنا! فاي استثمار سيء للمقاتلين ضد العدو.
من جهة أخرى هناك تلاقٍ أو تقاطع، ليس شرطاً أن يكون مقصوداً بين إعلام حماس وإعلام الإمبريالية والصهيونية في تكبير دورها وكأنها وحدها التي قاتلت !!!مع أن ما تميزت به هو نتاج التحيُّز لها في التسليح؟ وهذا خلل في محور المقاومة. والسؤال هو: ما الهدف من غمط دور الآخرين؟ هل هو تهيئة حماس لتكون عروس التسوية المقبلة!
إن قيام العدو بعدوان أمر محتمل وهذا يعني أن يكون الجميع على جاهزية للرد.. وربما لخذلان الموقف والرد كان تصريح حماس في اليمن تصريح خلخلة المحور لا تماسكه.
هذا دون أن نخوض في قيام سيدها التركي باستيطان صهيوني في سوريا إلى جانب الاستيطان الكرصهيوني.
ملاحظة1: يقول إيرن بابيه: معظم الصهاينة لا يؤمنون بالله ولكن يؤمنون أنه وعدهم بأرض الميعاد.
ملاحظة 2: منصور عباس يستخدم الله ويخدم الصهيونية.