أقلام الوطن

عن “قلب العروبة النابض”: سوريا القلقة و”الاحتلال التركي” الجديد!

طلال سلمان
طلال سلمان

طلال سلمان

 

“قلب العروبة النابض” معتل، و”الأهل”، لا سيما الاغنياء بالنفط والغاز منهم مشغولون بثروتهم الهائلة من النفط او الغاز (حتى لا ننسى قطر).. أما الفقراء منهم فهمومهم الثقيلة تشغلهم عنها، وان هم تنهدوا بالحسرة ولوم القدر الذي أخذهم بعيداً عن واجبهم القومي.

ولقد عاشت سوريا قلقة ومقلقة بعدما حمل الاستعماران الفرنسي والبريطاني قبل قرن كامل (1920) سكين التقطيع والفرز والضم:

ـ اقتطع البريطانيون بداية شرقي الاردن، وجعلوا النهر، نهر الاردن، حداً، ونصبوا في الامارة الجديدة المستحدثة الامير عبدالله ابن الشريف حسين امير مكة ومطلق الرصاصة الأولى في “الثورة العربية الكبرى” التي أُجهضت في مهدها.

ـ أما الفرنسيون فقد “تصرفوا” بولايات طرابلس ـ الشمال وبيروت والبقاع والجنوب ليلحقوها بمتصرفية جبل لبنان لإقامة “الجمهورية اللبنانية” بحدودها الراهنة.. متجاوزين مشاعر اهلهم بأنهم أقرب إلى سوريا منهم إلى الكيان الجديد.

ـ بالمقابل اقام البريطانيون مملكة في العراق واعطوا السلطة فيها، تحت وصايتهم، لفيصل النجل الثاني الشريف حسين، وقد نصبوه ملكاً هاشمياً على ارض الرافدين، وحاولوا استرضاء “ثورة العشرين” عبر استغلال النسب الهاشمي، بما يرضي الشيعة والسنة نتيجة الالتباس في طائفة الملك.

ـ ولقد حاول الفرنسيون تقطيع سوريا إلى ثلاث دويلات (احداهما للعلويين في الساحل، والثانية في حلب، والثالثة في دمشق)، مع محاولة لفصل جبل الدروز وجعله دويلة في الجنوب لكن سلطان باشا الاطرش رفض الفصل، كما رفضه العلويون وأهل الشمال بعنوان حلب.. وهكذا اخضعت سوريا جميعاً للانتداب الفرنسي، وفي العام 1925 ثار السوريون رفضاً للانتداب وكان أبرز قادة تلك الثورة سلطان باشا الاطرش.

ـ لكن سوريا عاشت قلقا دائماً، خصوصاً وان تركيا حاولت اقتطاع كيليكيا واسكندرون ونجحت في ذلك بسبب التواطؤ الدولي مع الاتراك.

ثم أن اقتطاع الاردن في جنوبها كان الانذار الصريح بقرب تنفيذ “وعد بلفور” بإقامة الكيان الاسرائيلي عل ارض فلسطين.

الآن، ومن على مبعدة قرن من الزمان، يمكن الجزم بأن هذا التواطؤ الدولي على تقسيم المشرق العربي دولاً ودويلات عدة انما كان يهدف للتمهيد لإقامة الكيان الاسرائيلي فوق ارض فلسطين.

…ولعل سوريا كانت الاكثر شعوراً بالفقد، ومن ثم القلق.. ولعل هذا بين اسباب أخرى مع احساس

السوريين بأنهم قد استهدفوا في ارضهم وبالتالي في مصير دولتهم.. فلما وقعت الواقعة واقيمت “دولة اسرائيل” بالغصب والقهر، توالت الانقلابات العسكرية في دمشق، وان كان الانقلاب الاول الذي قاده “المشير” حسني الزعيم قد احتوى سببا اخر اميركي هذه المرة عنوانه: مد خطوط نقل النفط من السعودية إلى شاطئ البحر الابيض المتوسط في الزهراني، جنوب لبنان، غير بعيد عن صيدا، ليمكن تصديره من بعد إلى مقاصد شركة التابلاين: والمصفاة ما تزال موجودة، ولكنها معطلة مثلها مثل مصفاة شركة نفط العراق (لأسباب مفهومة).

 

ولقد عاشت سوريا سنوات قلق طويلة حفلت بالانقلابات العسكرية المتوالية (بين 1949 و1958)، وبعدها هربت في عهد الرئيس الراحل شكري القوتلي، الى الوحدة مع مصر جمال عبد الناصر، فأقيمت “الجمهورية العربية المتحدة” التي لم تعمر الا ثلاث سنوات وستة اشهر (من 21 شباط 1956 إلى 28 ايلول 1961)… ذلك ان انقلاباً عسكرياً جديداً وقع في دمشق في 28 ايلول 1961، مما اعاد سوريا إلى دوامة الانقلابات، التي لم تتوقف الا بعد الانقلاب (الأخير) الذي قاده (قائد الطيران آنذاك) الفريق حافظ الاسد.

عاشت سوريا مع الراحل حافظ الاسد مرحلة نهوض شاملة، واستطاعت أن تلعب دوراً محورياً في الوطن العربي جميعا، وامكنها أن ترسل جيشها إلى لبنان بعد تفجير الحرب الاهلية ـ العربية ـ الدولية فيه، بذريعة الاعتراض على وجود المقاومة الفلسطينية فيه والتي استمرت بين 1976 و1982 حين اقدم العدو الاسرائيلي على اجتياح الاراضي اللبنانية حتى العاصمة بيروت.

.. وفي العام 2005، وبعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، خرجت القوات السورية من لبنان، ليبدأ عهد جديد برئاسة النجل الثاني للرئيس حافظ الاسد الدكتور بشار الاسد الذي اضطر إلى قطع دراسته للطب والعودة إلى دمشق لتولي الرئاسة، بعد وفاة شقيقه الاكبر باسل في حادث سير..

وها هي تركيا تحاول التمكين لاحتلالها بعض الشمال السوري.. والحرب مفتوحة لإخراج المحتل الجديد ـ القديم!

السفير العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *