أقلام الوطن

الأرض الفلسطينية الصامدة وسؤال استمرار الحرب على غزة … وفقاعة العالم المتحضر ….!!!؟

بسّام عليّان*

في ظل حرب إسرائيلية صهيونية عالمية شرسة ومجرمة على قطاع غزة منذ سبعة اشهر ، أتت ذكرى “يوم الأرض” الفلسطيني في 30 مارس/آذار الماضي، والتي يحتفي بها الغزيون هذا العام بدمائهم وإصرارهم على التمسك بأراضيهم وممتلكاتهم ورفض مخططات التهجير ورفض سيناريوهات ما يسمى بدول العالم المتحضر الذي اثبت فعليا أنه فقاعة ليس لها علاقة بالتحضر ولا بالإنسانية بل هو عالم مغمس بالجريمة والارهاب والتوق للقتل والتدمير وقتل الروح الانسانية. وإلا بما تصف ما يجري على ارض غزة الفلسطينية من قتل وتدمير بالمئات يوميا وعلى مدار اكثر من نصف عام. وهذا العالم الذي يدعي الحضارة والانسانية ويزعم بأنه راعي للحرية ينظر لما يجري بصمت مريب؛ وآخرون من دول هذا العالم تقدم العون والمساعدة والدعم لهذا المجرم الصهيوني الذي ما يزال ومنذ قرن تقرييا يتمادى في اغتصاب الارض الفلسطينية وطرد وقتل وايذاء مواطنيها الاصليين والشرعيين؛ وما زال يتمادى ويتوغل بدماء الفلسطينيين على مرآى من العالم اجمع دون ان يتحرك احد لمساندة الشعب الفلسطيني في قضيته الوطنية العادلة.
وحلت علينا ذكرى يوم الأرض هذا العام؛ بطعم مختلف وغزة تتعرض لإبادة شاملة، لكنها صامدة وتقول للعالم، الذي لا يحرك ساكنا إزاء جرائم الاحتلال، إننا متجذرون في الأرض، باقون ولن نرحل، ولن نفرط في ذرة من تراب ارضنا. سنظل متمسكون بأرضنا ووطننا، ولن نهاجر مهما اشتدت قسوة الحرب والابادة التي تمارس علينا.

وفيما تتوالى فصول الصراع الصهيوني مع الفلسطينيين في الضفة والقطاع وفي الارض الفلسطينية المغتصبة منذ العام 1948، بات من الضروري السؤال عن المسارات المحتملة التي ستقود هذا الصراع؛ وهذه الحرب الدموية التدميرية الهمجية على الشعب الفلسطيني المواطنين الاصليين في غزة والضفة؛ وبالتحديد في غزة التي ومنذ اكثر من نصف سنة تجاوز عدد الشهداء ال 40الف شهيد؛ واكثر من مائة الف جريح ومصاب؛ ناهيك عن الوف من المفقودين والوف من المغيبين. يحدث هذا في ظل انكفأت فيه دول العالم الذي يدعي الحضارة والإنسانية على الفور، كلٌّ في فقّاعته، وتبدّد أي شعور بالإنسانية المشتركة. رغم انه ليس واضحًا إلى أين يمكن أن تقود اندفاعات هذا العدو وهذا المحتل الغاصب، وما الذي سيستطيع فعله في الواقع امام صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه وتراب بلاده ورفضه الانصياع لسيناريوهات انهاء الحرب القائمة ضمن شروط مجحفة تتناسى التضحيات التي قدمها ويقدمها شعبنا الفلسطيني منذ سبعة اشهر.
بالتأكيد هذه الحرب ستنتهي؛ ولكن مقاومة الشعب الفلسطيني لن تنتهي، وحقوق الشعب الفلسطيني ستظل المطلب الرئيسي لهذا الشعب؛ وتقرير حق المصير سيظل هدف كل فلسطيني حر.
بعض الواهمين – إذا كانوا من المتنفذين الفلسطينيين او الصهاينة العالميين والاسرائيليين – صبّوا اهتمامهم على مسألة النتائج، اقترحوا ترتيبات استندت إلى آمال غير واقعية وأحيانًا إلى سوء فهم عميق. (كالدعوات مثلًا إلى تولّي السلطة الفلسطينية من جديد السيطرةَ على غزة)،
لذلك، السؤال الذي على الجميع الانتباه له؛ هو “أخبرني: كيف ستنتهي الحرب في غزة”، بل “أخبرني كيف ستتطوّر الأمور”، فالإجابات لا تزال ضبابية بعض الشيء. ثمة الكثير من النقاط الملتبسة المعروفة: ماذا سيحقّق هذا الكيان الصهيوني المجرم في الواقع؟ وكم من الأشخاص سيُقتلون بعد؟ وما مدى خطورة المؤشرات المتزايدة على توتّرٍ أميركي إسرائيلي؟ .
واقع الحال الآن؛ يقول بأن المؤسسة العسكرية الاحتلالية الصهيونية تُنشئ جيوبًا أصغر وأكثر كثافة داخل غزة عن سابق تصور وتصميم متعمد. وتتعمد إلى إجبار المدنيين في شمال غزة على الانتقال إلى الجنوب. وتدمّر عددًا كبيرًا من المنازل هناك أيضًا. وتلمّح بعض التعليقات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين إلى أن أمرًا منهجيًا يتحضّر – ولكن حتى لو وُضعت الخطط والنوايا جانبًا، من الواضح أن شيئًا ما يحدث. يُرغَم مواطني القطاع ذي الكثافة السكانية العالية إلى التوجّه جنوبًا، ويتكدّسون في جيوب أصغر.
والسؤال الاكثر إلحاحا. -هنا- هل سترتكب القوات البرية الإسرائيلية الفظائع؟

كان خطاب القادة الصهاينة في الأيام التي أعقبت 7 تشرين الأول/أكتوبر مخيفًا. لقد كانت التصريحات شديدة التطرّف، وصرّح احدهم أن أحد خيارات إسرائيل هو إبادة غزة بإلقاء قنبلة نووية عليها. حتى ان هناك تصريحات دموية صدرت عن مسؤولين اميركيين؛ والذي هدّد بجعل غزة أشبه ببرلين وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية؛ وقتل جميع عناصر حماس؛ وإرسال الجنود “من دون قواعد اشتباك”.
و الخطر الفعلي الذي يمثّله هذا الخطاب الصادر عن المسؤولين ليس في أن الكلام قد يُترجَم إلى أوامر عمليات، بل في أنه يوجّه رسالة إلى الجنود المشاركين في القتال البرّي العنيف بأن جميع الفلسطينيين هم أهداف مشروعة، وبأن ما من عواقب ستترتّب على أولئك الذين يمارسون الانتقام. وهذا ما نراه يحدث الآن خلال التوغل الصهيوني المدعوم اميركيا وغربيا. ومدعوم ايضا بالصمت العالمي من كل دول العالم بما فيها الانظمة العربية وللأسف الإسلامية (!!!؟؟؟).
وهناك -وهم كثر- اسرائيليون واميركيون وغربيون وعرب؛ يريدون تفكيك حركة حماس؛ وهؤلاء لا يعرفون “حماس”؛ وما تشكله حماس للشعب الفلسطيني، فحركة حماس كبيرة ومعقّدة ذات فروع كثيرة عسكرية ودبلوماسية وسياسية وإدارية، وأخرى متعلّقة بالتجنيد والتدريب والاتصالات. ويخوض مقاتليها اليوم ما يوصَف بأنه حرب وجودية مع الكيان الاسرائيلي. وهذا الصراع مصيريًا، ووجوديا. قد يفقد الناشطون دبلوماسيًا مكانتهم؛ وقد يستشهد عددٌ كبير من مقاتلي حماس؛ وقد يستبعد بعض كبار مسؤولي الحركة من مناصبهم. ولكن الثابت بالموضوع، لن تتغير الحركة نتيجةً للحرب الملتهبة الآن رغم ازدياد التضحيات وتكالب الغرب الاستعماري على عدم خروج المؤسسة العسكرية الصهيونية مهزومة من هذه الحرب …(!!!؟).
وهنا سؤال مهم يقع على المقاومة الفلسطينية بشكل عام وعلى حماس: ما هي الخطوات المقبلة التي ستظل فيها المقاومة صامدة ومتحدية هذا العالم الذي يدعي الحضارة والانسانية وهو يساهم ويساعد ويدعم الاحتلال الصهيوني دون ان يرف له ضمير
السؤال مفتوحٌ على احتمالات كثيرة ….!!!؟

كما ان هناك سؤال مفتوح ايضا: من سيتخذ القرارات عند الكيان الصهيوني في الفترة المقبلة لأنه يتوجب عليه وقف الحرب حتى لا ينتهي دوره الوظيفي …!!!؟
سيتوجّب على القيادة العسكرية الاحتلالية الاسرائيلية اتّخاذ قرارات مصيرية. وهو ما إذا كانت السياسة تعكس استراتيجيات معيّنة أو انعدام الاستراتيجية. وفي الأجواء الراهنة، ما تزال المسائل أكثر ضبابية. فهل الأعمال العسكرية الحالية هي مثلًا جزءٌ من مشروعٍ لتحويل قطاع غزة إلى منطقة “ب” منفصلة، على غرار ذلك الجزء من الضفة الغربية حيث تعمل المؤسسات المدنية الفلسطينية لصالح الفلسطينيين، ولكن إسرائيل تتحرك عسكريًا وأمنيًا كما تشاء؟ أم هل أن الأعمال العسكرية الإسرائيلية مدفوعةٌ ببساطة بالأهداف المُعلنة للحرب الإسرائيلية، والتي تتمثّل في تفكيك حماس وإلحاق الهزيمة العسكرية بها؟
هل رفض الكشف عن أي مقاربات في المدى الطويل هو غطاء لهذه السياسة تحديدًا، أم أنه ينمّ عن عجز حقيقي عن التفكير أبعد من الغد؟ وهل تصاعُد العنف والقتل والتدمير الممنهج ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية هو مأزقٌ لا تريد القيادة أن تُضطرّ إلى التعامل معه، أم أنه يتيح فرصةً لتثبيت الضمّ بحكم الأمر الواقع؟

غالب الظن أن الإجابات عن هذه الأسئلة ستتبلور مع مرور الوقت رغم ان المؤشرات الحالية تنم عن ان المقاومة الوطنية الفلسطينية ستستمر
والحاضنة الشعبية من الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفي الارض الفلسطينية المغتصبة عام 1948؛ ستظل تحتضن مقاوميها فهم ابناء هذا الشعب الفلسطيني … وإن غدا لناظره لقريب ..!!.

* كاتب اجتماعي وباحث سياسي/ سورية

كاتب

بسّام عليّان‎

كاتب وباحث فلسطيني/ دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *