أقلام الوطن

الاستيطان الأبيض: الحبل السُرّي في احتضان كندا للكيان

عادل سمارة

أسلحة كندية مع الإرهابيين: للأسف فضائيات شكلانية وصحفيون شكلانيون لا يقرؤون، وتكون الكارثة حين يصبحوا مصدر تثقيف للناس. هذا ما اتضح في حديث إحداهن عن كندا حيث وُجدت اسلحة كندية في القلمون بسوريا. ولم تشرح الفضائية من هي كندا بل قالت أنها محايدة!!! عجيب.

(ملاحظة: الجزء الإنجليزي من هذه المقالة نشرته لكشف مخاطر دور فريق تطبيعي من الموسيقيين للكيان الصهيوني. هنا أحلل بتوسع علاقات كندا بالكيان وبالتالي دور المطبعين الخطر جدا. ومع ذلك الأخطر من المطبعين هم من يبررون لهم ويهتفون لها)

ربما كانت القضية الفلسطينية أكثر قضية/بقعة جغرافية، في العالم عانت من دول الاستيطان الراسمالي الأبيض (الولايات المتحدة، كندا، نيوزيلندا، استراليا، وجنوب افريقيا سابقا وحتى المستوطنين الفرنسيين في الجزائر قبل التحرير).
نكتفي هنا بالإشارة إلى سمتين من سمات هذه المستوطنات:
الأولى: ان تطورها الرأسمالي سريع جداً ذلك لأن الاستعمار الأوروبي الأبيض (وهو أصلها الديمغرافي) نقل إليها مستوى تطوره الاقتصادي والتقني. كما كان ينهب من مستعمراته في آسيا وإفريقيا خاصة ويستثمر في هذه المستوطنات البيضاء ناهيك عن ان مستوطنيها احتلوا ارضا مجانية. أما في حالة فلسطين فكان الاستعمار البريطاني ينهب الفلسطينيين ضريبيا في عين المكان لصالح المستوطنات الصهيونية.
الثانية: أنها تُجمِع كلها على موقف واحد ومتواصل في دعم الكيان الصهيوني بشريا وعسكريا وماديا وسياسيا.
تكفي الإشارة إلى أن الدول الغربية (الأم) لهذه المستوطنات البيضاء كانت ، وحتى اللحظة، الداعم الرئيسي والمؤسس للكيان الصهيوني وخاصة اثناء حرب 1948 التي نتج عنها تشريد الشعب الفلسطيني واحتلال ثلاثة ارباع الوطن.
وبعيدا عن الدعم الاقتصادي وعن توريد المستوطنين إلى فلسطين تحت الاستعمار البريطاني (الانتداب 1917-1948) نشير هنا إلى دعم خطير ومن نوع خاص للكيان في حرب عام 1948 ،وهو دور المتطوعين من مختلف دول الغرب وتسميتهم بالعبرية (الماخال) فقد كان:
“معظم المتطوعين الغريين ومتكلمي الإنجليزية – “أو انجلو ساكزم” قد حاربوا في الحرب العالمية الثانية… وقد شكَّل هؤلاء المتطوعون قلب قوة سلاح الجو الجديد حيث وفروا مقاتلين طيارين للقتال الجوي لأول أفواج الأجنحة المقاتلة…وإضافة إلى ذلك، فإن الطيارين من أميركا الشمالية، الطيارين والفرق الأرضية هم الذين خلقوا قوة الشحن الجوية … لا بد من الذكر بأنه بين 1947 و 1948 كان هناك 3600 متطوع من خارج البلاد تدفقوا إلى البلاد وقاتلوا إلى جانب أفضل الإسرائيليين، أولاً مع البلماخ والهجناة، وبعد إعلان الدولة عام 1948 في جيش الدفاع الإسرائيلي… ما زال العدد الدقيق من كل بلد على حدة موضع خلاف، ولعل التقدير الأفضل انه كان هناك حوالي 1,000 من الولايات المتحدة، مع 250 آخرين من كندا، و 800 متطوع من جنوب إفريقيا، و 600 من بريطانيا، و 250 من شمال إفريقيا(المقصود المستوطنين الفرنسيين في الجزائر ع.س)، و 250 من أميركا اللاتينية، وهناك آخرين من بلجيكا وفرنسا. وكان هناك أيضاً عدداً متفرقاً من استراليا، والكنجو البلجيكية، وروديسيا، وفنلندا، وروسيا… والحقيقة أن أول آمري سلاح البحرية، واول فنيي الرادار، وأول طبجيي المدفعية الثقيلة، وأول قادة الدبابات، واول قادة القوات البرية وأول طيارين مقاتلين وقاذفين، وأول جراحي العيون المصابة والإصابات الأخرى كانوا متطوعي الماخال”[1].
لا شك ان علاقة الكيان مع أية دولة غربية وخاصة من المستوطنات البيضاء تحتاج بحثاً خاصا. ولكن في هذا الموضع، نتناول كندا بناء على وثيقة خاصة، ولكن شديدة الأهمية عن علاقة كندا بالكيان الصهيوني مما يدفع لاسترجاع علاقة الطرفين السابقة.
لم يتغير الحال منذ ما قبل عام 1948 وذلك العام نفسه وحتى اليوم. سنأخذ هنا آخر ما توصلت إليه العلاقات الكندية مع الكيان الصهيوني، وذلك حسب النص الحرفي لمذكرة تفاهم بين الطرفين، وهاكم نص المذكرة:
***
“مذكرة تفاهم بين دائرة الشؤون الخارجية، والتجارة والتنمية كندا، ووزارة الشؤون الخارجية لدولة إسرائيل في شأن التعاون الدبلوماسي العام.
إن دائرة الشؤون الخارجية، والتجارة والتنمية في كندا ووزارة الشؤون الخارجية لدولة إسرائيل، كما يُشار إليهما فيما يلي:
تبحثان تعملان: على تقوية الإلتزامات الواردة في مذكرة التفاهم بين كندا وإسرائيل فيما يخص الشراكة ، والتي وُقعت في القدس في 21 كانون الثاني 2014 لتقوية علاقتيهما الثتائية.
تؤكدان مجدداً: التزامهما بالقيم المشتركة لحرية التعبير والاجتماع، والديمقراطية ، وسيادة القانون،
وتتشاركان، في وجهة النظر بأن المفاوضات المباشرة بين دولة إسرائيل والفلسطينيين بوسعها ان تقود إلى حل سلمي للصراع وإنجاز حل الدولتين،
وقلقتين بعمق، من الجهود الرامية إلى عزل دولة إسرائيل وتعريضها للنقد والعزلة دولياً بما في ذلك الدعوات إلى مقاطعة دولة إسرائيل، فيما يخص وقف الاستثمار والاستثمار، وفرض العقوبات على إسرائيل.
وتتيقنان، بأن الاستهداف الانتقائي لإسرائيل يعكس وجهاً جديداً ل اللاسامية.
وهذا أوصلنا، إلى التفاهم التالي:
1- سيعمل الشريكان معاً لمواجهة الجهود الهادفة إلى عزل دولة إسرائيل عبر
a. تطوير مبادرة تنسيق دبلوماسية عامة ثنائيا بينهما وعلى الصعيد العالمي والمتعدد لمواجهة مقاطعة إسرائيل، مؤسساتها وشعبها وذلك خلال ثلاثة إلى ستة أشهر.
b. وتعلنان معارضتهما على الملأ لجميع إولئك الذين يجادلون في مجرد حق دولة إسرائيل في الوجود أو دفاعها بنفسها عن نفسها.
c. وتنهمكان في مشاورات سنوية لتحديد الفرص للدفاع عن مشاركة دولة إسرائيل مشاركة كاملة في الاقتصاد العالمي.
2- تصبح مذكرة التفاهم هذه نافذة فاعلة مع يوم توقيعها من الشريكين.
3- ويمكن أن يعدل الشريكان مذكرة التفاهم هذه بموافقة خطية متبادلة.
4- يمكن لأحد الشريكين أن يلغي مذكرة التفاهم هذه بأن يقدم إشعارا خطيا إلى الشريك الآخر.
وُقعت، نسخ طبق الأصل في هذااليوم 18 كانون الثاني 2015 الموافق لليوم 27 من تيفيت 5775 للتقويم العبري، باللغات الإنجليزية والفرنسية والعبرية، وتعتبر مختلف الطبعات سارية المفعول بشكل متساوٍ.
جون بايرد عن دائرة الشؤون الخارجية، والتجارة والتنمية –كندا
افيجدور ليبرمان عن وزارة الخارجية الإسرائيلية”
***
تعبر هذه الوثيقة عن الترابط العميق وليس التفاهم فقط بين الطرفين وخاصة في فترة تكشف اكثر على الصعيد الشعبي العالمي طبيعة الكيان الصهيوني ومختلف الفزاعات والأكاذيب التي أحاط نفسه بها.
وعلى الرغم من التقادم والتداعي النسبي لأهمية فزاعة اللاسامية، إلا أن هذه المذكرة تتحذ منها مرتكزا جديداً بل تعيد تجديدها وإحيائها. وهذا ينم في الحقيقة عن قلق عميق لدى الطرفين من تداعي البُنى الإعلامية والدعاوية التي أُقيمت حول تبرير واستمرار الكيان الصهيوني. وهذا حقل يجدر العمل العميق والدؤوب فيه مع مراعاة وصول العالم صورة افضل عن الفلسطينيين خاصة والعرب عامة.
ولعل التحدي الأكبر في هذا المستوى، أن الكيان والغرب قاما باحتلال السامية، وطرد العرب منها وتحويلها حكرا على اليهود، ثم استخدامها فزاعة ضد العرب وتسخيرها ضد كل من يقف مع الحق الفلسطيني رغم المذابح المعلنة عام 1948 ضد الفلسطينيين والمؤكد منها حتى الآن 78 مذبحة كما بينها أحد مؤسسي تيار المؤرخين الصهاينة الجدد بني موريس، ناهيك عن مذبحتي صبرا وشاتيلا وقانا ومؤخرا المذابح ضد قطاع غزة وحتى اسم إحداها “الرصاص المصبوب” وهذا اسم لوحده كاف لإثبات انها جريمة حرب. ومع ذلك تقف كندا بهذا الصلف العلني مع الكيان.
وبالطبع، ليس اللافت موقف الكيان الصهيوني من نفسه، بل موقف السلطة الكندية التي، وطبقاً لصيغة المذكرة تتطوع لاحتضان الكيان بشكل لافت. وهذا يُرغمنا على إعادة قراءة الصراع كفلسطينيين وعرب بمعنى، أن مختلف الحروب مع الكيان لم تكن معه وحده قطعياً، فلولا الاستعمار لما أُقيم ناهيك عن أن حمايتها له دائماً. وهذا يبين هشاشة ما هو سائد شعبيا بين الفلسطينيين والعرب بأن دويلة صغيرة هزمت أمة كبيرة. قلة هم الذين يقرؤون الصراع على أرضية الاستهداف الاستعماري الغربي الدائم للوطن العربي.

إن هذا التركيز الفج على ما يسمونه اللاسامية لينمُّ ليس فقط عن الطبيعة الاستيطانية العنصرية والعدوانية في الدول الغربية بل حتى المجتمعات الاستيطانية الراسمالية البيضاء، وينم عن أمر أشد خطورة وهو عدم أخذ الدول بل الأمة العربية بمجموعها بعين الاعتبار ناهيك بالطبع عن الشعب الفلسطيني.
إن أخطر ما هو في اساس هذه المذكرة، وهو خطير لأنه لم يُذكر. أو لم يذكر لأنه الأخطر وهو الحديث في المذكرة عن حل الدولتين متجاهلا تماماً أن الكيان يقوم على أرض الشعب الفلسطيني المشرد. أي ان المذكرة تشطب حق العودة تماما وكأن شيئا لم يحدث.
ويتضح الاستخفاف بكل العرب والمسلمين من التصرحات الأخيرة لرئيس الوزارة الصهيوني بنيامين نتنياهو بأن لا مجال لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب مطالبته العالم والعرب بالاعتراف بالكيان كدولة يهودية خالصة، وهذا يبين ان ما ورد في المذكرة قيد النقاش عن حل الدولتين هو للعلاقات العامة.
أما المفارقة الأوضح فهي أن كندا هي الموكل إليها من الأمم المتحدة منذ عام 1948 استلام حقيبة اللاجئين الفلسطينيين! وهذا لا يكشف بالطبع عدوانية كندا للحقوق الفلسطينية وخاصة حق العودة، بل يكشف كيف توزع الدول الغربية الكبرى المهام في الأمم المتحدة بحيث يكون زمام شعوب العالم بيدها هي، وخاصة الشعوب المستضعفة.
تبين هذه الوثيقة حدود الضيق لدى الكيان الصهيوني فيما يخص دعوات المقاطعة بمحختلف مستوياتها الأكاديمية والاقتصادية…الخ. وقلق الطرفين من هذه الحملة. وفي هذا المستوى، فإن التزام الفلسطينيين والعرب هو حجر الأساس في تفعيل المقاطعة تفعيلا ناجحا، لأن أية ثغرة في جانب العرب والفلسطينيين تقود إلى تقويض الجهود التضامنية مع الحق الفلسطيني.
تضع الوثيقة اصبعها على عصب وجود الكيان الصهيوني ولا سيما مسألة دفاعها عن مشاركة الكيان في الاقتصاد العالمي (مشاركة كاملة)، بمعنى أن الطرفين يفهمان تماماً أهمية الإقتصاد في قيام وبقاء الدول. وهذا يفتح على تفكير عميق من جانبنا بمعنى إن أهمية الكيان بالنسبة للغرب هي في دوره في إبقاء الوطن العربي ضعيفا كي يتمكن الغرب بما فيه كندا من الربح من النفط والسوق العربيين بشكل خاص.
وبشأن إضعاف العرب من قبل الكيان عبر دوره في لجم التطور العربي، نستذكر قول إريئيل شارون حينما تحدى الإدارة الأمريكية حين قال: “لا تقلقوا، نحن نمسك امريكا من أنفها” وهو تعبير مستوحى من مزرعته للأبقار التي بها احد اضخم ثيران العالم حيث يُمسك الإنسان الثور بالخزام من أنفه فيسير بلا مقاومة، فأي تشبيه استخفافي!. وهذا ما كرره مؤخراً نتنياهو في تحديه للرئيس الأمريكي أوباما. ولعل مرتكزات هذا التحدي تفتح على خدمات صهيونية للغرب بما فيه كندا في مستويات النفط والسوق والمخابرات وكافة أنواع الاختراقات للجسد العربي. وهذا دون ان نتحدث عن عشرة آلاف ملياردير ومليونير يهود وغير يهود امريكيين يمثلون اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
نختم بحجر الأساس في تلك الوثيقة وهو إعلان الطرفين عن ما يسميانه “حق اسرائيل في الوجود” . وهو الأمر أو المشكلة التي كلما شعر قادة وشارع الكيان باي موقف جدي من عرب او فلسطينيين يعود الكيان لإعادة التفكير في وجوده ومستقبله. وهنا نستذكر ثلاثة مواقف متعلقة بالأمر.
في بدايات القرن العشرين كتب الراحل جورج انطونيوس، بأن ما يدور في فلسطين صراع بين قوميتين ينتهي بانتهاء إحداهما. وكتب كارل كاوتسكي اليهودي اليساري الألماني 1928: “انصح اليهود بعدم اقامة دولة في فلسطين لأن انتهاء الاستعمار هناك سوف ينهي وجود دولتهم”. كما كتب زبجنيو بريجنسكي عام 2006 وهو سابقا مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي كلينتون، بأنه طالما وجود امريكا في المنطقة في تراجع، فإن مستقبل وجود اسرائيل في خطر.

■ ■ ■

Memorandum of Understanding between the Department of Foreign Affairs, Trade and Development Canada and the Ministry of Foreign Affairs of the State of Israel regarding Public Diplomacy Cooperation
The Department of Foreign Affairs, Trade and Development of Canada and the Ministry of Foreign Affairs of the State of Israel, hereinafter referred to as the “Participants,”
Seeking to uphold the commitments made in the Memorandum of Understanding between Canada and Israel regarding a Canada-Israel Strategic Partnership, signed at Jerusalem on 21 January 2014 to strengthen their bilateral relationship,
Reaffirming their dedication to the shared values of freedom of expression and assembly, democracy, and the rule of law,
Sharing the view that only direct negotiations between the State of Israel and the Palestinians can lead to a peaceful resolution of the conflict and the achievement of a two states solution,
Deeply concerned by efforts to single out the State of Israel for criticism and isolate the State of Israel internationally including calls for a boycott of the State of Israel, for the divestment of investments, and for sanctions to be imposed on Israel,
Recognizing that the selective targeting of Israel reflects the new face of anti Semitism,
Have come to the following understanding:
1. The Participants will work together to oppose efforts to single out or isolate the State of Israel through:
1. Developing a coordinated, public diplomacy initiative both bilaterally and in international and multilateral fora to oppose boycotts of Israel, its institutions, and its people within three to six months;
2. Publically expressing their opposition to those who would call into question the State of Israel‘s very right to exist or to defend itself, by itself;
3. Engaging in annual consultations to identify opportunities to advocate in favour of the State of Israel’s full participation in the global economy.
2. This Memorandum of Understanding will take effect on the date of its last signature by the Participants.
3. The Participants may amend this Memorandum of Understanding upon their mutual written consent.
4. A Participant may terminate this Memorandum of Understanding by giving a written notice to the other Participant.
Signed in duplicate at Jerusalem on this 18 day of January 2015, which corresponds to the 27 day of Tevet 5775 in the Hebrew calendar, in the English, French and Hebrew languages, all versions being equally valid.
John Baird
For the Department of Foreign Affairs, Trade and Development Canada
Avigdor Lieberman
________________________________________

16- Source: Article submitted courtesy of Dr. Fenton. See also Machal-Volunteers in Israel’s War of Independence ، مقتطف في عادل سمارة، الاقتصاد السياسي للصهيونية 2008، القسم الأول: توليد الكيان الصهيوني من النظام الراسمالي العالمي استجلاب “شراء” المستعمرين “مستوطنة لا تمتلىء

 

الحبل السري في احتضان كندا للكيان
كنعان النشرة الإلكترونية
Kana’an – The e-Bulletin
السنة الخامسة عشر ◘ العدد 3841
29 أيّار (مايو) 2015

 

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *