أقلام الوطن

كل البنوك المركزية خاضعة للأمريكي … هل الصين استثناء؟ حلقة (1)

(ملاحظة: هذه الحلقات ضمن كتاب د.عادل سماره القادم عن الصين اليوم)

 

د.عادل سماره
د.عادل سماره

د.عادل سماره

 

لا يتوقف الحديث في العالم عن سيطرة الدولار والتخلص منه وتخليق بدائل له والقول المُعاد بأن الدولار هو أساس قوة أمريكا وسيطرتها…الخ.

وهذا من ناحية سطحية صحيح، ولكن تحت هذا الخطاب/الإنشاء هناك ما هو أخطر اي اساس وهو أنه لا يوجد في كل العالم اي بنك مركزي خاضع لحكومة بلاده سوى البنك المركزي الصيني، أما بقية البنوك المركزية في العالم فليست تحت إمرة سلطات بلادها ويحركها بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، اي من يملكونه طبعا كشركة خاصة.

ولتمكين القارىء من فهم الصورة آثرت وجوب التركيز على البنوك/المصارف، بدل العملات، نظراً لدورها في تكريس سيطرة الأوليغارشية المالية على صعيد عالمي وتمكينها الإمبريالية من التحكم بالعالم بأدوات حتى غير عسكرية لا سيما في حقبة العولمة. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن تبني استراتيجية فك الارتباط لا بد أن تشمل فك الارتباط المالي بالدولار الذي تشرف عليه أوليغارشية مالية وحتى أسرية وليست حتى حكومات الإمبريالية، هذا دون أن نتجاهل ارتكاز “فك الارتباط” على الإنتاج المحلي أولاً وحتى ، بل وخاصة بعد وباء كوفيد19 الذي أعاد الاعتبار للإنتاج الغذائي[1]. ولكن فك الارتباط بالدولار يعني تأميم المصرف المركزي في اية دولة تذهب حقاً في هذا الاتجاه.

وفي سياق موضوع الكتاب وهو تحديداً “ما هي الصين اليوم” يغدو نقاش مسألة البنوك والربا أمر محوري نظراً لأن الحكومة في الصين هي المتحكمة بالبنك المركزي وهذا موروث طبعا من الحقبة الماوية كما انه قد يضيىء على طبيعة النظام هناك.

في أكثر من كتاب وفيديو  يشرح الاقتصادي الروسي فالنتين كاتاسانوف حقيقة البنوك المركزية في العالم، بمن فيها الاتحاد الروسي من حيث تبعيتها لبنك الاتحاد الفدرالي الأمريكي الذي يسيطر على البنوك المركزية في العالم من جهة ومن حيث أنه ليس تابع مباشرة للحكومة الأمريكية من جهة ثانية، اي انه ملكية خاصة للاحتكار المالي/الربوي وخاصة لروكفلر وروتشيلد. بينما لم يكن الوضع كذلك في فترة قيادة ستالين للاتحاد السوفيييتي إلى حين رحيله حيث تغير الأمر تدريجيا إلى أن تم تفكيك/تفكك الدولة السوفييتية.

يقول كاتاسانوف:” بنك الإحتياطي الفدرالي الأمريكي خاص وهو بديل البنك المركزي وكل البنوك المركزية مرتبطة به وجميعها خارج سلطة الدولة ويتحكم به روتشيلد وروكفلر” (استعباد العالم تاليف فالنتين كاتاسونوف ، دمشق الهيئة السورية للكتاب 2018 ص 149)

يقوم اهتمامنا بهذا الموضوع على قراءة موجزة بالطبع لعلاقة البنك المركزي والدولة في كل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية بعد تحولهما رأسمالياً لا سيما تمسك الصين الحالية بسيطرة الدولة على المصارف والتحكم بالعملة الصينية وهذا ما يدفعنا لقراءة مقارنة لهذه المسألة من باب تعلقها بقرائتنا للتجربة الصينية بعد الماوية.

فيما يخص رفض الاتحاد السوفييتي الانضمام إلى إتفاقية بريتون وودز كتب كاتاسانوف:

“… أما الوفد السوفييتي إلى بريتون وودز فكان فقط بنائب وزير الخارجية كان مجرد حضور شكلي.

كان ستالين على شك هل يدخل السوفييت الاتفاق والإنضمام . كان يدرك أنها ستكون أممية مالية . وعلى روسيا النأي بنفسها عن ذلك. بقي السوفييت خارج هذا النظام حتى بداية الثمانينات، خارج هذا النظام الائتماني ، وهذا ما اوردته في كتابي “اقتصاد ستالين”. المختلف عن النظام الإئتماني الغربي وهي

1- احتكار الدولة للشأن المصرفي

2- احتكار الدولة في مجال إصدار النقد

3- الترشيد العالي لإدارة النظام النقدي الائتماني وإخضاع هذا النظام لما يتطلبه حل المسائل الاقتصادية الاجتماعية في المجتمع الاشتراكي

4- تخطيط التداول النقدي

5- ضبط المنظومة النقدية الائتمانية والرقابة الدائمة من جانب المصارف على النشاط المالي الائتماني.

6- احتكار الدولة لشؤون العملة.

7- استعمال أساليب خاصة للمحافظة على القدرة الشرائية لوحدة البلد النقدية الروبل.

8- ضمان دعم الدولة لإصدار العملة

9- مضاعفة احتياطي البلد من الذهب كمورد استراتيجي

10-الإستناد إلى المصادر الداخلية للتمويل والإقراض في الاقتصاد الوطني.

لم يكن اقتصاد ستالين ربويا، لم يقم على الربا لأن الربا يدمر كل ما حوله والمجتمع. لأن الاقتصاديين السوفييت كانوا يعرفون بأن النظام المالي القائم على تحصيل الفائدة هو ربا.

لذا، فإن الاتحاد السوفييتي لم يشهد أزمات مالية كسوق العقارات والبورصات وانهيارها حيث وجد الناس انفسهم في الشوارع. كان الناس مطمئنين لغدهم. لم يكن هناك ملايين المتسولين كما في في الولايات المتحدة .

حينما وصل ستالين للسلطة كانت إصلاحاته الاقتصادية الاستقلال عن راس المال الخاص حيث تراجع عن سياسة ” ال نيب” ( NEP/السياسة الاقتصادية الجديدة التي تبناها لينين مؤقتا وإستشنائياً” في نهاية العشرينات. مع العلم ان جميع المصارف تم تأميمها عام 1917، وفي عام 1921 تأسس المصرف المركزي مصرف الدولة، أي أن ستالين ومن معه تأكدوا أنه لا يمكن إنشاء مجتمع يعتمد على المصارف الخاصة والربا ويكون مجتمع ينعم بالاستقرار

بقي النظام المالي السوفييتي ممتازا في الثلاثينات والاربعينات والخمسيناتـ وبدأ يسوء في الستينات، حيث اقحم البعض آرائهم في الترشيد مثل خروتشوف، وإفزي ليبرمان، ورئيس الوزراء كوسيجين، كما أشرنا أعلاه، . البشر هم المشكلة، البشر قبل التكنولوجيا”.

 

[1] انظر صفحتي في الفيس تاريخ 1 نيسان 2021

 

يتبع …. الحلقة الثانية

 

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *