أقلام الوطن

مجزرة المسجد الإبراهيمي الوحشية في الخليل

د. غازي حسين
د. غازي حسين

د.غازي حسين

   
في منتصف شهر رمضان المبارك وخلال صلاة الفجر من يوم الجمعة  عام 1994 ارتكب الطبيب الإسرائيلي باروخ غولد شتاين المجزرة الجماعية بحق المصلين في في المسجد الإبراهيمي في أقدس مساجد فلسطين بعد الأقصى، حيث انهمر الرصاص على المصلين، الساجدين لله عز وجل في مذبحة لا مثيل لها على الإطلاق في التاريخ البشري وقتل الإرهابي اليهودي والجيش الإسرائيلي في ذلك اليوم الأسود (75) فلسطينياً وجرحوا أكثر من (500) خلال المذبحة والأيام الستة التي تلتها في المدينة.
قتل الإرهابي، الطبيب اليهودي غولدشتاين وحده(54) وجرح 270 داخل المسجد الإبراهيمي، بينما قتل الجيش الاسرائيلي 21 فلسطينياًخلال المواجهات لإنقاذ جرحى المجزرة وللتعبير عن الغضب والسخط على الاحتلال وجرائمه الهمجية. واعترف تلفزيون العدو في اليوم التالي للمذبحة أن الجنود الإسرائيليين شاركوا في “المذبحة”.
طبيب يهودي من أصل أميركي هجرّته إسرائيل من بروكلين إلى مستعمرة كريات أربع على مشارفُ الخليل وحقنته فكرياً وسياسياً ودربته على السلاح وقتل العرب وكراهيتهم يفتح رشاشه و قنابله على المصلين المسلمين الساجدين لرب العالمين، وبجانبه جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يقدمون له مخازن الذخيرة الواحد تلو الآخر، ليقتل أكبر عدد ممكن من المصلين من أهالي الخليل خلال تأديتهم الصلاة داخل المسجد، مما يظهر بجلاء كراهيتهم للإسلام والمسلمين.

أعلن الجنرال إسحق رابين، رئيس الوزراء فور الإعلان عن المجزرة “أن المجرم مختل عقلياً”، وذلك للتخفيف من صداها في أوساط الرأي العام العالمي. ولكن سرعان ما قام أصدقاء الطبيب الإسرائيلي السفاح وأكدوا أن غولد شتاين من المؤمنين بالصهيونية قولاً وعملاً، ونفذها عن قناعة وإيمان باليهودية. ونظموا له جنازة ضخمة هتفوا فيها: “ظفر يهودي مقابل مئة رأس عربي”.
وقالت السيدة غينسبرغ، المتحدثة باسم حزب كاخ عن الإرهابي
غولد شتاين “نعتقد أنه فعل ذلك لمقتل كاهانا ولحماية دولة “إسرائيل”، ووصفته بأنه شهيد.
تحركت إدارة الرئيس الأميركي كلنتون لتطويق مضاعفات المذبحة فلسطينياً وعربياً لإنقاذ عملية التسوية الأميركية من الانهيار. وطلبت من عرفات ورابين نقل المفاوضات إلى واشنطن.
وأعلنت أنهما قبلا الدعوة في نفس يوم المذبحة، وذلك في الوقت الذي أكدت فيه دمشق وعمان أن الوفود العربية في واشنطن قطعت المفاوضات مع “إسرائيل” بسبب المذبحة.
وعلّق وزير الخارجية الإسرائيلي، سفاح قانا، شمعون بيرس على الموقف العربي بوقف المفاوضات قائلاً: “إنه ليس أمام الفلسطينيين من خيار آخر غير العودة إلى طاولة المفاوضات”.
وأكد الجنرال رابين بأن “التصرف الجنوني لن يمنع المصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولن يوقف عملية السلام”.
وصرح الرئيس كلنتون في مؤتمر صحفي قائلاً: “ليس صدفة أن القاتل يضرب خلال شهر رمضان المبارك واختار مكاناً مقدساً للمسلمين “واليهود”، وهدفه على الأرجح تخريب المصالحة التاريخية الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف أدين بشدة باسم الشعب الأميركي هذه الجريمة”.
وشجب وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر المجزرة، ووصفها بأنها حدث إرهابي، وقدم تعازيه إلى عائلات الضحايا، ودعا إلى التعقل وضبط النفس.
ومن المؤلم حقاً أن دول الاتحاد الأوروبي التي كانت ولا تزال تدين على الفور جرح إسرائيلي واحد، سكتت عن الجريمة البشعة التي سببها الاحتلال، باستثناء فرنسا التي أدانتها، كما اتسم رد فعل بعض الأطراف العربية بالخجل لأنهم لا يريدون إغضاب “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية وعرقلة مساعي التسوية الأميركية.
ووافق رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات على الطلب الأميركي بنقل المفاوضات من مصر إلى أميركا تلبية لطلب الرئيس الأميركي، ولم يكن قد جف دم الضحايا بعد، وظهر بجلاء أن قلقه على مصير المفاوضات فاق قلقه على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني مما الحق افدح الاضرار بحقوق الشعب الفلسطيني والامة العربية. يستحيل التعايش والتطبيع مع اسرائيل ويجب أن تزول ومصيرها الى الزوال.

د. غازي حسين

عضو جمعية البحوث والدراسات-اتحاد الكتاب العرب بدمشق عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين –عضو رابطة الكتاب الاردنيين ولد بتاريخ 10/9/1938 في بلدة سلمة (قضاء يافا) التي احتلتها العصابات اليهودية المسلحة بعد مجزرة دير ياسين في أواخر شهر نيسان عام 1948. أنهى الدراسة الابتدائية والثانوية في كلية النجاح الوطنية بنابلس. انتخب عام 1954 كرئيس لمؤتمر الطلبة الأردني بلواء نابلس. اعتقل عدة مرات في الأردن ونفي إلى معتقل الجفر بسبب نشاطاته السياسية. بدأ دراسة الحقوق في الجامعة السورية بدمشق وأكملها في ألمانيا ونال هناك الماجستير في الحقوق عام 1962، ودكتوراه في القانون الدولي عام 1966، ودكتوراه في العلوم الحقوقية عام 1974. مارس تدريس القانون الدولي في جامعات ألمانيا ودمشق (المعهد العالي للعلوم السياسية). عمل كمستشار في القصر الجمهوري بدمشق وكسفير لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الحكومة النمساوية في فيينا، وكممثل للمنظمة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووكالة التنمية الصناعية (يونيدو) في فيينا. وشارك في أهم المؤتمرات الدولية التي عالجت قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني، و كمستشار قانوني ورئيس إدارة في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بدمشق، وعضو سابق في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، وعضو سابق في القيادة العامة لطلائع حرب التحرير الشعبية- قوات الصاعقة ورئيس الدائرة السياسية وأمين سر اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية، وعضو الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية، وعضو الأمانة العامة في التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة وعضو هيئة تحرير مجلة الفكر السياسي في اتحاد الكتاب العرب. مؤلفاته: 1-اسرائيل الكبرى والهجرة اليهودية- دراسة.1992. 2-الفكر السياسي الفلسطيني-1963- 1988- مطبعة رانيا عام 1993. 3-الصهيونية ايديولوجية عنصرية كالنازية (بالعربية عام 1968) و(الألمانية عام 1971). 4-الغزو الاسرائيلي للبنان- (مجموعة من الباحثين) دمشق 1983. 5- انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان العربي عام 1969. 6- الهجرة اليهودية وأثرها على طاقات إسرائيل الاقتصادية والعسكرية عام 1974 بالعربية وعام 1975 بالإنكليزية. 7- فلسطين والأمم المتحدة عام 1975. 8- عدالة وسلام من أجل القدس، باللغة الألمانية في فيينا، عام 1979. 9- النظام الإقليمي والسوق الشرق أوسطية عام 1994. 10- الصراع العربي - الإسرائيلي والشرعية الدولية عام 1995. 11- الشرق أوسطية إسرائيل العظمى، دمشق 1995. 12- الصهيونية زرع واقتلاع (اتحاد الكتاب العرب - دمشق) 1966. 13- ياسر عرفات من التوريط إلى التفريط - دمشق 1996. 14- القمم والمؤتمرات الاقتصادية والأمنية: من التطبيع إلى الهيمنة - اتحاد الكتاب العرب - دمشق عام نبذة مأخوذة من موقع اتحاد الكتاب العرب بدمشق عن الدكتور غازي حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *