أقلام مهجرية

الكوفية الفلسطينية أيقونة الشعب الفلسطيني

محمود كعوش
محمود كعوش

محمود كعوش *

 

 

وفقاً للأدبيات الفلسطينية المتداولة ووفقاً للإعلام الفلسطيني المرئي والمسموع والمقروء على اختلاف مذاهبه ومشاربه وأهوائه السياسية وغير السياسية، ومن بينها الموقع الإلكتروني الوطني “عرب 48″، فإن الفلسطينيين في الداخل والخارج وعلى نقاط التماس مع العدو الصهيوني وفي جميع منافي الكرة الأرضية يتوشحون بالكوفية الفلسطينية، التي يحلو لهم تسميتها “الحطة”، بلونيها الأبيض والأسود الملتف بما يشبه السياج أو الشبك المصنوع من الأسلاك المعدنية.

وعلى هيئة “لثام”، يغطي فتيان وشابات، وأطفال فلسطين وجوههم بالكوفية وهم يستعملون المقلاع ويرشقون الحجارة والزجاجات الحارقة، تجاه قوات الاحتلال الصهيونية، دعما لـلهبات الشعبية في الأراضي المحتلة، ومنهم من يلفها على كتفيه ورأسه، أو يلوح بها.

ووفقاً لدراسات فلسطينية كثيرة فإن ‘الكوفية، التي عادة ما تتصدر المشهد اليومي في حياة أبناء فلسطين وفي التظاهرات الشعبية والمواجهات مع قوات الاحتلال المجرمة، سبق لها أن ترافقت مع الثورات الفلسطينية الأولى التي عرفتها ثلاثينات القرن التاسع عشر الماضي.

واشتهر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بارتدائه الكوفية، وكما عرف عنه فإنه لم يظهر في أية مناسبة وطنية وسياسية محلية أو خارجية بدونها، كما عرف عنه توصيته أبناء وقادة فصائل الشعب الفلسطيني بارتدائها في كافة المناسبات الوطنية أيضاً.

وبحسب ما ذكر “مركز المعلومات الفلسطيني” فإنه عندما شددت السلطات البريطانية رقابتها على الفلسطينيين إبان انتداب بريطانيا لفلسطين، كانوا يخفون ملامحهم عن طريق ارتداء الكوفية ولف وجوههم بها.

وعقب اندلاع ثورة عام 1936 ضد الإنكليز، والتي كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، أقبل الثوار على ارتداء الكوفية التي قيل إنها كانت عبارة عن “قطعة من القماش الأبيض”. ولربما أن أول من ارتدى الكوفية كثائر فلسطيني من أصلٍ سوري كان عز الدين القسام في ثورة عام 1936 حينما أمر الثوار ضد الاحتلال الإنجليزي بلبسها، وكانت رمزية القسام بالكوفية الفلسطينية عندما خرج كثائر مجاهد من أحراش يعبد. ثم لحقه المجاهد الكبير عبد القادر الحسيني الذي تميز بارتداء الكوفية بالعقال الأسود طوال فترة جهاد ضد الاحتلال الإنجليزي، وخاصة بعد استشهاد القائد عز الدين القسام.

ويذكر “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الثوار ارتدوا الكوفية على هيئة لثام أو قناع للوجه لتفادي الاعتقال أو الوشاية بهم، وعندما بدأت القوات الإنجليزية في اعتقال كل من يتوشح بها، أوصى الثوار أبناء القرى والبلدات والمدن الفلسطينية بارتدائها لتضليل تلك القوات وعدم تمكينها من التمييز بين الثوار والمواطنين العاديين.

تجدر الإشارة إلى أن ‘الكوفية’ تحولت بعد ثلاثينات القرن الماضي إلى رمز للكفاح ضد قوات الاحتلال البريطانية، ورافقت الفلسطينيين في كافة مراحل نضالهم في ما بعد حتى يومنا هذا.

واستخدم الفلسطينيون الكوفية بلونيها المعهودين في ستينات القرن الماضي مع ولادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في عام 1965، بشكل كبير ولافت وأصبحت رمزاً لثورتهم المعاصرة.

وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي تفجرت في عام 1987 وتواصلت حتى توقفت مع “اتفاقية أوسلو”اللعينة، كان ارتداء الكوفية إلى جانب رفع العلم الفلسطيني يمثل خطراً كبيراً على من يقوم به، فقد كانت بالنسبة لجيش الاحتلال الصهيوني رمزاً لما يصفه زوراً وبهتاناً بالإرهاب!!

وأقبل فتية وشبان فلسطين على ارتداء الكوفية بشكل كبير ولافت مع اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول/سبتمبر 2000، عقب اقتحام رئيس الحكومة الصهيونية الأسبق المقبور آرئيل شارون وجنوده لباحات المسجد الأقصى المبارك.

وبدأت الكوفية بالظهور والانتشار “انتشار النار في الهشيم” بعد توقيع “اتفاقية أوسلو” اللعينة بين كيان العدو ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993. وكان من اللافت مؤخراً، ارتداء إعلاميين فلسطينيين وعرب للكوفية، وهم يقدمون نشرات الأخبار، والبرامج التحليلية، تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية.

وتقترن الكوفية عند شعوب العالم بلا استثناء باسم فلسطين، وتشكل رمزا للتضامن معهم، إذ يقوم متضامنون في شتى دول العالم بارتدائها في المسيرات التضامنية الرافضة للانتهاكات الصهيونية.

وتشهد الأسواق التي تبيع الكوفية في الوقت الحاضر حركة بيع لافتة، إذ يقبل الكثير من الناس من غير الفلسطينيين أيضاً على ارتدائها. وقد أدخل الفلسطينيون على صناعة الكوفية التي تمتاز باللون الأبيض والخطوط السوداء، ألوانا أخرى مختلفة منها الأخضر، والأحمر، والبرتقالي، وكوفية بألوان العلم الفلسطيني “العلم العربي”، لتواكب العصر الحديث.

كما تقام في الأراضي الفلسطينية وخارجها، معارض خاص لعرض الكوفية الفلسطينية بأشكالها ضمن إطار عرض المنتجات التراثية الفلسطينية المختلفة، لبيعها للزوار والسياح الأجانب الذين عادة ما يقبلون على شرائها. ويعتز أبناء هذا الشعب برمزهم هذا، ويقولون إنه لا حاجة لأن يُعرف أي فلسطيني يسافر إلى الخارج عن هويته، إذ يكفي أن يرتدي الكوفية ليعرف العالم أنه فلسطيني.

 

*استناداً للأدبيات الفلسطينية ووسائل إعلام فلسطينية مختلفة من بينها موقع “عرب 48”.

كاتب

  • محمود سعيد كعوش

    من مواليد ميرون ـ صفد: الجليل الأعلى ـ فلسطين المحتلة،شهادات عليا . مكان الإقامة السابق : لبنان . ..مكان الإقامة الحالي : الدانمرك ـ اسكندنافيا . الكفاءة العلمية: درجتان جامعيتان في الإدارة والأدب الإنكليزي . عمل في مجالي التعليم العالي والترجمة والإعلام المكتوب والمسموع، إلى جانب الكتابة الصحفية وإعداد الدراسات والأبحاث السياسية والثقافية والإجتماعية . عمل في العديد من الصحف والمجلات العربية والبريطانية . عمل مديراً للإذاعة العربية الموجهة للجالية العربية في الدانمرك ومقدماً للأخبار والبرامج الحوارية فيها. له العديد من الدراسات والأبحاث في الفكر القومي العربي والشؤون العربية وبالأخص الفلسطينية .

محمود سعيد كعوش

من مواليد ميرون ـ صفد: الجليل الأعلى ـ فلسطين المحتلة،شهادات عليا . مكان الإقامة السابق : لبنان . ..مكان الإقامة الحالي : الدانمرك ـ اسكندنافيا . الكفاءة العلمية: درجتان جامعيتان في الإدارة والأدب الإنكليزي . عمل في مجالي التعليم العالي والترجمة والإعلام المكتوب والمسموع، إلى جانب الكتابة الصحفية وإعداد الدراسات والأبحاث السياسية والثقافية والإجتماعية . عمل في العديد من الصحف والمجلات العربية والبريطانية . عمل مديراً للإذاعة العربية الموجهة للجالية العربية في الدانمرك ومقدماً للأخبار والبرامج الحوارية فيها. له العديد من الدراسات والأبحاث في الفكر القومي العربي والشؤون العربية وبالأخص الفلسطينية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *