أقلام الوطنتحاليل و تقارير ساخنه

دراسة شاملة معمقة موثقة حول أوضاع المدينة المقدسة

الاحتلال يقترف مجزرة حضارية مفتوحة في المدينة المقدسة ويحولها الى مملكة توراتية في ظل فرجة وتطبيع عربي متواطىء…….!

 

نواف الزرو
نواف الزرو

 نواف الزرو*

 

المعارك على أرض القدس: من حي لحي ومن بيت لبيت-داخل البلدة القديمة وخارج اسوارها.

عشرة احزمة استيطانية وأكثر من 12 مخططا استيطانيا جديدا تحاصر القدس وتلتف حولها

الاحتلال يشن أضخم حملة تزوير للتاريخ والتراث ويتحرك لاحكام قبضته الاستراتيجية على المدينة وإخراجها من كل الحسابات الفلسطينية والعربية والدولية …!

 

 

حينما يؤكد معهد القدس للدراسات الاستراتيجية الاسرائيلي”أن إبقاء القدس المحتلة تحت السيطرة الإسرائيلية مهمة قومية وجودية” معتبرا “أن حسم الصراع سيتم داخل هذه المدينة وغلافها المحيط” داعيا لبناء متروبولين حولها. وحينما يعتبر المعهد في دراسة شاملة لها حول استراتيجية التهويد في القدس،”أن القدس الكبرى هي نقطة أرخميدس للسيطرة وللمحافظة على الشروط الأمنية الضرورية في فلسطين إلى الغرب من نهر الأردن”، وأن” متروبولين القدس” هي “العمق الاستراتيجي الحيوي للتجمع اليهودي في السهل الساحلي”، ثم لكون القدس “مفتاحاً للحدود الأمنية الآمنة في الشرق”، ثم أهمية السيطرة الإسرائيلية على “القدس الكبرى الموحدة-4 – أكتوبر – 2019 “ودورها المركزي في سياق تصفية القضية الفلسطينية ، نقول حينما يؤكد هذا المعهد الصهيوني كل هذه المواقف والادبيات فانه بذلك يكثف لنا ما جرى ويجري في قلب القدس.

وفي هذا السياق وفي ظل انشغال العالم على امتداد مساحاته بوباء الكورونا وكيفية مواجهته واحتوائه، تعود المدينة المقدسة هذه الأيام لتتصدر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام المختلفة، فموجات الحملات والاعتداءات المتواصلة التي تشنها دولة الاحتلال على المدينة ومقدساتها باتت سافرة منفلتة، كما أن المحاولات المتكررة لقوى اليمين المتطرف التي تحاول بوتيرة متصاعدة اقتحام باحات الاقصى من ناحية،

وتكثيف الانشطة الاستيطانية داخل البلدة القديمة وخارج أسوارها على حد سواء، هي التي تتسيد المشهد المقدسي، يضاف الى كل ذلك الاعتداءات والاستفزازات العنصرية ضد أهل القدس التي تترجم عمليا الى صدامات مفتوحة معهم.

ففي أحدث معطيات المشهد المقدسي:

-الاحتلال يحكم قبضته على  القدس ويسعى لإخراجها من كافة الحسابات الفلسطينية والعربية والدولية.

-المدينة تمر في مرحلة خطيرة في مخطط تهويد التاريخ والتراث…!

-الاحتلال يعمل بلا توقف على  تزوير التاريخ ويخطط لقدس تتكلم العبرية…!

-الكنيست يقر قانون الحدائق الوطنية لتهويد القدس

-“اسرائيل” تدشن القصور الأموية جنوب الأقصى منطقة سياحية يهودية وتحويلها لمطاهر الهيكل”

– مشروع احتلالي يهدد 6000 معلم داخل أسوار البلدة القديمة في القدس

– منظمات صهيونيةٌ تحرض على هدم مسجدٍ بالقدس .

-المصادقة على إنشاء حديقة وطنية تفصل حيي الطور والعيسوية .

-الاحتلال يغير أسماء الأزقة والطرقات في البلدة القديمة في القدس. ويخطط لإقامة 19 كنيس يهودي جديد في حي جبل أبو غنيم بالقدس

يضاف إلى كل ذلك ما نشر في الأيام الأخيرة حول المزيد من المخططات الاحتلالية  لإقامة”تلفريك” هوائي يقطع المسافة جوا، وإنشاء سكة حديد تربط المستعمرات اليهودية في القدس لتصل الى سلوان جنوب المدينة…الخ.

فبلا تهويل..هناك مجزرة حضارية نكبوية مفتوحة يقترفها الاحتلال في المدينة المقدسة، التي لا تبعث أحوالها اليوم، بعد نحو اثنين وسبعين عاما على النكبة وثلاث وخمسين عاما على احتلالها عام/1967، على التفاؤل ابدا، بل انها ربما لا تبقي لدينا شيئا من التفاؤل اذا لم يتحرك الفلسطينيون اولا، ثم القوى الحية في العالم العربي ثانيا، ثم القوى المتضامنة في العالم مع فلسطين ثالثا، بمنتهى الجدية والمسؤولية باتجاه انقاذها.

 

*احكام القبضة اليهودية

فوفق العناوين أعلاه و أحدث التقارير الفلسطينية الآتية من قلب المدينة المقدسة فان الاحتلال بات يحاصر الاقصى المبارك من جميع جهاته، ويواصل الحفريات تحت أساساته ما يمهد لهدمه من أجل اقامة الهيكل اليهودي المزعوم، في الوقت الذي يقوم المستوطنون اليهود من جهتهم ببناء كنس يهودية قبالة قبة الصخرة المشرفة ومطلة عليها، بل ان الاحتلال يقترف اليوم مذبحة حضارية في المدينة.

فالمدينة المقدسة تتعرض وفقا لكم هائل من المعطيات والوقائع الموثقة الى التهويد الشامل في كافة مجالات ومناحي الحياة المقدسية، في الوقت الذي باتت فيه الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية على حد سواء عرضة للانتهاكات والاعتداءات المختلفة بلا توقف ، في الوقت الذي اصبح فيه الاقصى والحرم القدسي الشريف على وجه حصري في خطر جدي شديد.

فسياسيا.. تواصل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الاعلان كلما “دق الكوز بالجرة” وبصورة واضحة حاسمة لا تقبل الجدل”أن القدس الموحدة عاصمة (إسرائيل) الى الأبد” و “ان صفقة القرن الأمريكية منحت القدس الموحدة عاصمة أبدية (لإسرائيل)” و”انها غير خاضعة للمفاوضات والمساومات أو التقسيم” وأن أي تسوية سياسية بشأن القدس يجب أن تبقيها تحت السيادة الاسرائيلية الكاملة”. وهم – أي بنو صهيون – يؤدلجون هذه المواقف والقرارات السياسية بأدبيات ايديولوجية دينية توراتية لا حصر لها، كلها تجمع على “أن القدس يهودية، وأنها مدينة وعاصمة الآباء والأجداد” وغير ذلك.

وعمليا على الارض المقدسية تتحرك وتعمل كل الحكومات والوزارات والاجهزة والدوائر والادوات والجمعيات الوزارية والبلدية والأمنية والجمعيات الاستيطانية  وخاصة “عطيرة كوهنيم ” و”عطراة ليوشناة” و”العاد”بالتعاون والتكامل فيما بينها من أجل إحكام القبضة اليهودية – التهويدية الاحتلالية الكاملة على المدينة المقدسة ببلدتها القديمة داخل أسوارها التاريخية، وبمدينتها الجديدة خارج تلك الأسوار.

فالقدس اصبحت مسوّرة محاصرة بجملة من الاحزمة الاستيطانية الخانقة يصل عددها الى عشرة احزمة تبدأ من داخل أسوار البلدة القديمة لتمتد وتتمدد لتصل إلى حدود مشروع “القدس الكبرى” التهويدي، الذي يلتهم وفقا لمصادر فلسطينية عديدة مساحات واسعة من أراضي الضفة المحتلة تصل من 15 – 25% من مجمل مساحة الضفة.

 

*سباق مع الزمن

إذن حسب احدث واخطر عناوين وتطورات المشهد المقدسي اعلاه، فان دولة الاحتلال تسابق الزمن ليس فقط من اجل احكام سيطرتها السياسية والاستراتيجية على المدينة المقدسة لدى العرب -مسلمين ومسيحيين-، وانما من اجل تحويلها الى مملكة و حدائق توراتية تكرس بالنسبة لهم المدينة باعتبارها “مدينة  يهودية ومدينة الآباء والأجداد”، فأكدت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث على سبيل المثال:” أن سلطات الاحتلال، تعمل بخطوات متسارعة من أجل تدمير قصور الخلافة الأموية جنوبي المسجد الأقصى، عبر مواصلة عمليات حفر وطمس للمعالم التاريخية الإسلامية، إضافة إلى مدّ شبكة من الجسور والسلالم الحديدية في المنطقة الأثرية الملاصقة للمسجد، بهدف تحويلها إلى مرافق ل “الهيكل المزعوم”.

وحذر أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة وحماية القدس حسن خاطر قائلا:” إن (اسرائيل) تعمل على جذب اليهود لهذه المنطقة في حين تسن قوانين تحظر على المقدسين الوصول إلى المسجد الأقصى، وتمنع الفلسطينيين بصفة عامة من الوصول إلى القدس والأقصى”، مؤكداً “أن كل جرائم الاحتلال وسلطاته ترمي إلى تعزيز الاستحواذ اليهودي على القدس ومقدساتها خاصة في منطقتي القصور الأموية والبراق لتطويق الأقصى”، مؤكدا:” في حال استكملت الأعمال في منطقة القصور الأموية سيتمّ تهويد كامل المنطقة جنوب المسجد الأقصى تحت مسمى “متنزة توراتي”، ترتبط بنفق أرضي مع مدخل حي وادي حلوة في بلدة سلوان المجاورة”.. وقالت مؤسسة الاقصى:”إن هذه الأعمال تترافق مع هدم وطمس كل المعالم الإسلامية التاريخية في المنطقة و أن الاحتلال يسعى إلى ربط هذه المنطقة بنفق أرضي، يوصلها بمنطقة حي وادي حلوة في مدخل بلدة سلوان، ومن المتوقع أن يكون ربط هذا النفق مع أسفل مدرسة البنات التابعة لوكالة “أونروا” التي انهارت بعض غرفها قبل سنتين بسبب حفريات الاحتلال”.

 

*معارك  مفتوحة من حي لحي ومن بيت لبيت

الى ذلك، فقد كانت دولة الاحتلال  مهدت لمواقفها وقراراتها المتعلقة بتهويد وتزييف التاريخ والتراث وإعلان”القدس عاصمة للشعب اليهودي” بسلسلة لا حصر لها من المخططات والقرارات والقوانين والإجراءات على الأرض، كلها تسيدت المشهد المقدسي في السنوات الاخيرة، ولعل ابرزها واهمها  العناوين التالية التي تلقي الضوء على حقيقة ما يجري على ارض القدس.

استيطانيا، فان المعارك هناك على ارض القدس تدور رحاها وبصورة  يومية-من حي لحي ومن بيت لبيت-داخل البلدة القديمة وخارج أسوارها..من الشيخ جراح- إلى شعفاط – حي الصوانة- الطور- راس العامود- العيزرية، ثم الى ابو ديس-جبل أبو غنيم، سلوان- البستان وعين الحلوة….الخ

و استيطانيا ايضا، تمخضت العمليات الاستيطانية التي قادتها الحكومات والجمعيات والتنظيمات الإسرائيلية على مدى سنوات الاحتلال الماضية إلى اقامة سلسلة من الاحزمة – الاسيجة – الاستيطانية التي تحاصر وتطوق وتخنق المدينة المقدسة القديمة منها والجديدة .. داخل أسوارها وخارجها، ولعل أبرزها ذلك الحزام المكون من الأحياء الاستيطانية في البلدة القديمة، الذي  يحكم قبضة الاحتلال بصورة مرعبة على قدسنا العتيقة .

وفي هذا الصدد حذرت تقارير فلسطينية مقدسية وغيرها من تصعيد نوعي في الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة ، يستهدف تهويد البلدة القديمة بالكامل وتشديد قبضة الاحتلال على المدينة المقدسة ، خاصة ما يعرف بـ ” الحوض المقدس ” والسفوح الشرقية المطلة على البلدة القديمة بدءاً من حي الشيخ جراح ، مروراً بأحياء الصوانة ، جبل الزيتون ، رأس العمود ، وانتهاء بالخاصرة الغربية لبلدة أبو ديس شرق المدينة المقدسة ، حيث تعتزم سلطات الاحتلال بناء مستوطنة هناك تعرف باسم “كدمات نسيونس” .

وأشارت التقارير إلى النقاط الاستيطانية الاستراتيجية التي أعلنتها وزارة الإسكان الإسرائيلية  بالتعاون مع بلدية القدس الغربية على النحو التالي:

أولاً – الحي الاستيطاني في الشيخ جراح

ثانياً – الحي الاستيطاني في وادي الجوز

ثالثاً – الحي الاستيطاني في رأس العامود

رابعاً – الحي الاستيطاني في سلوان

خامساً : الحي الاستيطاني في جبل المبكر “منظر من ذهب ”

سادساً : الحي الاستيطاني في أبو ديس

سابعا:  أحياء الاستيطانية صغيرة داخل البلدة القديمة

ثامنا: حي استيطاني جديد على جبل الزيتون

 

*الحكومة تصادر والجمعيات الاستيطانية تستلم

الى كل ذلك، فقد جاء في تحقيق أجرته صحيفة “هآرتس العبرية “من أن ما يسمى بـ”الوصي على أملاك الغائبين” يقوم بمصادرة الأملاك، وتقوم ما تسمى بـ”دائرة أراضي إسرائيل” بنقل الأملاك إلى الجمعيات الاستيطانية “إلعاد” و”عطيريت كوهانيم” بدون مناقصات وبأسعار بخسة”، وفي الحقيقة ان هذا وإن كان لا يضيف  شيئا جوهريا حول المشهد المقدسي، إلا أنه يضيف معلومات كمية وسرية حول ما يجري من عملية سطو واستيلاء وتهويد صهيوني جارف لكل شىء في المدينة المقدسة سواء في داخل اسوارها او خارجها.

وتفيد معطيات المشهد المقدسي  بأن دولة الاحتلال ترمي بثقلها وتوظف طاقاتها وأجهزتها وأدواتها وكل أوراق نفوذها وقوتها من الإدارات والقرارات والقوانين والجيوش في شن حملات استيطانية تهويدية مكثفة مركزة متصلة على أرض المدينة المقدسة.

وفي هذا السياق، أطلقت بلدية القدس منذ سنوات حملة إعلامية واسعة النطاق” تحثّ اليهود على توطيد علاقتهم بالقدس وتنشيط فعالياتهم فيها، على اعتبار أنها “عاصمة الدولة الإسرائيلية”، وذلك في إطار المساعي الرامية إلى تهويدها. وجاءت الحملة التي رفعت شعار “لا يجوز لنا أن نخسر مدينة القدس”، في مقدمة الحملات أطلقتها البلدية لحث الحكومة الصهيونية على تنشيط نموها الاقتصادي في المدينة المقدّسة”

وتفيد المصادر المقدسية “أن الهجمة الاحتلالية الشرسة الممنهجة المبرمجة لتهويد القدس تجري على ثلاثة محاور هي: الأرض والسكان والأماكن الدينية المقدسة”.

وكشفت دراسة علمية فلسطينية على سبيل المثال: “أن البيانات المتوفرة تشير إلى أن إسرائيل صادرت عملياً 86 في المئة من مساحة شرق القدس”، وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور جهاد أبو طويلة بعنوان “مدينة القدس: دراسة في الصراع الإقليمي ومقترحات التسوية” أنه رغم ما تمثله القدس من أساس للصراع الإقليمي والتاريخي والديني وإقرار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والشرعيات الدولية بالحق العربي الفلسطيني، إلا أن الإجراءات الاحتلالية بالسيطرة على المدينة ومصادرة الأرض والاستيطان والتمليك وجدار الضم والتوسع باتت تشكل أمراً واقعياً، قبل به الكثير من الأوراق التي تقدم حلولا وسطاً إلى طاولة المفاوضات”.

 

*حمّى الاستيطان 

واستعرت في دولة الاحتلال حمى الاستيطان التي تسعى من خلالها الدولة العبرية لخلق أمر واقع جديد على ارض القدس والضفة، يستبق أي حلول أو اقتراحات مستقبلية لإقامة الدولة الفلسطينية.

وتوالت على اللجان والدوائر الإسرائيلية مشاريع استيطانية متعددة لإقامة  آلاف الوحدات الاستيطانية،

فقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنا عميره:”أن جمعية “عير عميم”الإسرائيلية ذكرت “أن المخططات الاستيطانية الكبرى التي تمر بمراحل مصادقات متقدمة ستكون: 3 آلاف وحدة استيطانية في “جيلو”، و1500 في جبل أبو غنيم، و1500 في “بسغات زئيف” و3500 في “جفعات همتوس” و1200 في “راموت” و600 في منطقة قصر المندوب السامي، و400 في “ارمون هنتسيف”، و400 في “النبي يعقوب”، بالإضافة إلى مخطط لبناء 400 وحدة تتولاها الشركة العقارية الإسرائيلية “تسهب” التابعة للمتدينين اليهود المتشددين، داخل مستوطنة “جيلو”، مشيرة إلى مخطط آخر لبناء ألفي وحدة استيطانية جديدة على أراضي بيت حنينا وشعفاط لتوسيع مستوطنة “رامات شلومو”.

كما كشفت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية عن خطط أخرى لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية داخل الأحياء العربية في القدس الشرقية، داخل البلدة القديمة، وفي رأس العمود ووادي الجوز وجبل المكبر والشيخ جراح والطور، وتشمل 18 مخططا لبناء 7094 وحدة استيطانية جديدة و1450 وحدة فندقية، إضافة إلى خطة أخرى لبناء 2337 وحدة سبق الموافقة عليها”.

 

*الحفريات وتزييف التاريخ

وحسب احدث واخطر المعطيات الفلسطينية ايضا فان الاحتلال يواصل عمليات الحفر والتزييف التاريخي لمعالم وآثار ما تحت الاقصى والصخرة …فقد : “كشفت مؤسسة الاقصى والهيئة الاسلامية العليا النقاب عن حفريات خطيرة واقامة كنيس وسبع غرف اسفل المسجد الاقصى، ضمن مشروع صممه الياف نحلئيلي تحت عنوان ” انا وأنت في قافلة الأجيال”، واعتبر الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس السابق خلال مؤتمر صحفي عقد في فندق الامبسادور بالمدينة تلك الحفريات “اعتداء صارخا على الأوقاف الاسلامية”، ” مشيرا ” الى ان الأرض الوقفية تشمل الأرض وسماءها وهواءها وباطنها”، واعتبر”ان الأقصى أصبح في أعلى درجات الخطورة” داعيا العالم الإسلامي الى “التحرك لدرء هذا الخطر”…

فيما وصف الشيخ رائد صلاح الحفريات “بالخطيرة جدا” مشددا على “أن هذه الحفريات المتواصلة أبقت انتهاكات صارخة و سوداء ومظلمة في جبين المؤسسة الاسرائيلية” كاشفا النقاب ان “هناك سائق شاحنة، اسمه محفوظ لدينا، طلب منه نقل بعض الأدوات لوضعها في هذه الحفريات التي تجري الآن وكانت المفاجأة للسائق عندما سار بسيارته بممر اسفل المسجد الاقصى المبارك” وقال “الحفريات التي جرت تتسع لدخول شاحنة كبيرة”.

 

*هجوم شامل لتفريغ القدس من أهلها

ويتبين لنا اليوم أكثر من اي وقت مضى في تاريخ المدينة المقدسة، في ضوء الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المدينة وأهلها ومقدساتها، ان دولة واجهزة الاحتلال المختلفة ماضية على قدم وساق وبلا توقف ولا كلل او ملل، في مخططات وحملات وإجراءات التفريغ والتطهير العرقي والحصار والمصادرات والتهويد ضد المدينة وأهلها وفي مخططات هدم الاقصى بغية اعادة بناء الهيكل المزعوم.

ويتبين أيضا اكثر من اي وقت مضى أن تلك المخططات والحملات والنوايا الصهيونية الرامية الى تهويد المدينة وابتلاعها إنما هي قديمة – جديدة – متجددة متصلة، وأن دولة الاحتلال تعمل على كشفها وترجمتها على الأرض المقدسية تباعا، وان كل أجواء ما يسمى بعملية المفاوضات والسلام والتعايش منذ بداياتها ومرورا بمحطة كامب ديفيد – 2 – ووصولا الى خريطة الطريق وما بعدها وصولا الى فك الارتباط، لم تلجمها ولم تكبحها ولم توقفها، بل أن تفاعلاتها وتداعياتها واخطارها الاستراتيجية على القدس وهويتها ومستقبلها باتت واضحة صارخة بصورة لم يعد باستطاعة ماكينة الدعاية والأكاذيب المخادعة المتعلقة بالمفاوضات واحتمالات السلام أن تخفيها.

 

*تهويد القدس وترويجها سياحيا “كعاصمة يهودية”

وفي غمرة التطورات الدراماتيكية  على المستوى العربي والانشغال العالمي بها، وفي ظل غياب فلسطيني عربي  مؤسف عما يجري هناك، أخذت دولة الاحتلال تصعد حربها الشاملة الرامية إلى تطويب القدس لهم كعاصمة أبدية، وذلك على مستويين الاول: السياسي-الاعلامي الديبلوماسي،  الذي يعتبر القدس “مدينة موحدة عاصمة اسرائيل الى الابد”، والثاني: على الأرض المقدسية إذ تشن تلك الدولة حملات تهويدية مسعورة على الأرض والسكان والتراث لم يسبق لها مثيل، كما أخذت  على ما يبدو تعسكرها في إطار توجه جديد.

وتتكامل كل الحملات  السياسية الاعلامية الديبلوماسية و التهويدية بالنسبة لهم لفرض أمر واقع على ارض القدس لا رجعة عنه تحت اي ظرف سياسي أو تسووي في المستقبل.

وليس ذلك بمبالغة، فالحملات التهويدية للقدس جارية على قدم وساق، وعلى مختلف الجبهات، إن على الارض او في الاعلام او في المشاريع والمخططات، أو على المستوى الدولي، بل ان عملية التهويد تصل حتى الى الصين وروسيا..!.

ف”تهويد القدس ولو في الصين”، كان عنوانا زلزاليا للذين يريدون رؤية حقيقة ما يجري على أرض المدينة المقدسة من انتهاكات وجرائم صهيونية  لا تتوقف ابدا..!.

ف”معركة إسرائيل لتهويد مدينة القدس لم تقتصر على معاول الحفر والتهجير وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، بل تعدت ذلك إلى السياحة التي باتت أداة أخرى لا تقل أهمية، وتشهد وسائل الإعلام الصينية حملة إسرائيلية واسعة ومنظمة وعالية التمويل تهدف إلى تزوير التاريخ وخلق وقائع جغرافية جديدة في ذهن المواطن الصيني، هناك صور ترويجية مدفوعة الأجر لمسجد قبة الصخرة تحتل مساحات واسعة على صفحات الصحف الصينية وعلى المواقع الإلكترونية لبعض وسائل الإعلام الرسمية بهدف تشجيع السياحة إلى إسرائيل-“.

ومن الصين الى روسيا، حيث نشر موقع إعلامي روسي تحت عنوان ” أسرلة التراث الإسلامي ولكن هذه المرة في روسيا”، تقريرا مطولا ربط فيه بطريقة لافتة للانتباه بين “اعلان سياحي في موسكو ” وبين ما اعلنته الحكومة الاسرائيلية مؤخرا عن ضم المقدسات الاسلامية ( “الحرم الابراهيمي” في الخليل ومسجد “بلال بن رباح” في بيت لحم ) لقائمة التراث اليهودي، وجاء على موقع “عرب48” يعرض أدناه بتصرف أهم ما جاء في التقرير: “… تقوم شركة سياحية محلية في الآونة الأخيرة بالترويج لرحلات إلى (إسرائيل) من خلال إعلان ضخم يظهر فيه مسجد “قبة الصخرة” المشرفة ولجانبه كتب بالروسية ” إسرائيل- استراحة روحية”.

 

كما كشفت الهيئة الإسلامية المسيحية في القدس النقاب عن” أن بلدية الاحتلال ممثلة برئيسها نير بركات وجهازه التنفيذي قد انتهوا من وضع خطة شاملة تهدف إلى ترويج القدس على مستوى سياحي دولي واسع ومن منظور صهيوني كامل”. وبين الأمين العام للهيئة الدكتور حسن خاطر” أن رئيس بلدية الاحتلال افتتح موقعا إلكترونيا بهدف إغراء السياح بتأمين جولات مجانية في البلدة القديمة عبر تقنية الواقع الافتراضي الذي يساعد الاحتلال كثيرا في تزوير حقيقة القدس والمقدسات”، وأوضح خاطر” أن الخطة تهدف لرفع عدد السياح من ثلاثة ملايين سائح عام 2010 إلى عشرة ملايين عام 2020″

وقال إن الاحتلال يسعى لإثارة الخوف والقلق في أوساط حركة السياحة العالمية جراء الأحداث الجارية في العالم العربي, ومحاولة توجيهها نحو القدس المحتلة على اعتبار أن دولة الاحتلال هي الواحة الآمنة والمستقرة في المنطقة.

 

*خلاصة القصة –السيادة والهوية- 

فهم إذن يعملون من أجل اختلاق وصناعة قدس يهودية كما اختلقوا وصنعوا دولة “اسرائيل”، غير ان تلك الدولة من وجهة نظرهم لا تكتمل إلا بتكريس”القدس يهودية عاصمة أبدية لهم”.

وخلاصة القصة بالنسبة لهم إذن هي”السيادة..على القدس” وتطويبها يهودية الى الابد”.

وتترجم دولة الاحتلال بوزاراتها وجيشها ومستعمريها ومنظماتها السرية والعلنية وإداراتها المختلفة الأدبيات والنوايا والخطط الجهنمية على أرض القدس  بسلسلة لا حصر من الحملات والهجمات التي تستهدف تهويد المدينة بالكامل وتطويبها تحت السيادة الاسرائيلية الى الابد…!

لكل ذلك، لا نبالغ ان قلنا ان دولة الاحتلال الصهيوني تعمل على اختطاف المدينة المقدسة مرة واحدة والى الابد…ف”التهويد الكبير في المدينة قد بدأ” والاحتلال يصعد حرب ابتلاع القدس، ويعمل ليلاً نهاراً على فرض الأمر الواقع الاحتلالي فوق أرض القدس عبر ما يمكن أن نطلق عليه أضخم حملة تزوير للتاريخ والتراث تستهدف اختلاق قدس ومملكة يهودية على أنقاض المشهد المقدسي.

ودولة الاحتلال تتحرك على مدار الساعة على امتداد المساحة المقدسية  بهدف إحكام قبضتها الاستراتيجية على المدينة وإخراجها من كل الحسابات الفلسطينية والعربية والدولية …!

وهي ايضا في سباق مع الزمن مستثمرة حالة التشظي والتفكك والضعف والسبات العربية من أجل استكمال مخططاتها ومشاريعها قبل أن تأتي الصحوة العربية الاسلامية …!

وتمضي دولة الاحتلال في هجومها على المدينة المقدسة في إطار ما يطلق عليه الفلسطينيون هناك سياسات التطهير العرقي، اذ أكدت منظمة “بيتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان مثلا:”أن دولة الاحتلال تمارس سياسة التطهير العرقي ضد المقدسيين منذ سنوات، ومنها سحب هويات حق المواطنة ومنع البناء والسكن لإجبارهم على الإقامة خارج حدود المدينة”، كما اتهم تقرير حقوقي “إسرائيل” ب “ممارسة التهجير والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة”.

فالواضح أن لا شيء حتى الآن  يردع الاحتلال عن “التطهير العرقي” وعن اجتياحاته التدميرية و المجازرية و الاستيطانية التهويدية على حد سواء..!

فلا الشريك الفلسطيني في المفاوضات  التي استمرت خمسة وعشرين عاما، نجح في تعطيل اجتياحات بلدوزر الاحتلال، ولا “خيار السلام” العربي و”النوايا العربية الطيبة” للتطبيع الشامل، ولا حتى الامم والشرعية الدولية  تحظى بأي تاثير أخلاقي على دولة الاحتلال بهذا الصدد…!

والاخطر ان كل ذلك  يتم في ظل سبات عربي غريب عجيب لا يصدق…!

كثف الكاتب المقدسي ماهر العلمي المشهد المقدسي قائلا:”تشن دولة الاحتلال هجوماً تهويدياً كاسحاً أحادي الجانب وتقوم بتقطيع أوصال جسد القدس تارة بنصل الجدار وتارة أخرى بنصل الاستيطان.. فينزف الدم من الجسد المقدسي ولا يجد مسعفون..! –

ونقول، بل انها بلدوزرات الهدم والتجريف والمحو التي تقوم –بلا توقف- بتهديم المشهد المقدسي العربي -بمضامينه الإسلامية والمسيحية- لصالح مشهد صهيوني  يزيف التاريخ والتراث، في ظل فرجة عربية عجيبة…!

بالتأكيد، لن تتوقف دولة الاحتلال عن مخططاتها  واختطافها لفلسطين والمدينة المقدسة في مقدمتها، إذا لم يستيقظ العرب… وإذا لم يرتقوا الى مستوى المسؤولية الحقيقية…!

[email protected]

كاتب

  • نواف الزرو

    -اسير محرر امضى احد عشر عاما في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي ، حكم بالمؤبد مدى الحياة عام 1968 وتحرر في اطار صفقة تبادل الاسرى عام 1979 . - بكالوريوس سياسة واقتصاد/جامعة بير زيت-دراسة من المعتقل. - كاتب صحفي وباحث خبير في شؤون الصراع العربي - الصهيوني

نواف الزرو

-اسير محرر امضى احد عشر عاما في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي ، حكم بالمؤبد مدى الحياة عام 1968 وتحرر في اطار صفقة تبادل الاسرى عام 1979 . - بكالوريوس سياسة واقتصاد/جامعة بير زيت-دراسة من المعتقل. - كاتب صحفي وباحث خبير في شؤون الصراع العربي - الصهيوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *