أقلام الوطن

ما خَدَعوا وما خُدِعوا والتزموا بالصهيونيتين: الملتزم الأول: الحزب الشيوعي الإسرائيلي (2)

د. عادل سماره
د. عادل سمارة

د. عادل سمارة 

 

اكتسبت القائمة المشتركة لانتخابات الكنيست زخماً في مواجهة رافضي المشاركة  عبر التزامها ومن ثم حصولها على الدعم، المخفي والمعلن من الصهيونيتين:

  • الصهيونية الأم
  • والصهيونية العربية

الحزب الشيوعي الإسرائيلي (غيَّر اسمه الى راكاح في ستينات القرن العشرين) قامت ولم تتغير إيديولوجيته الماركسية الصهيونية التي تشكل امتدادا لنظرية بوروشوف بأنه:” لا بد من إقامة دولة لليهود كي تتشكل فيها طبقة بروليتاريا، لأن هرم البنية اليهودية مقلوبا على راسه بمعنى أن قاعدته العمالية صغيرة جدا،  ليصبح اليهود اشتراكيين ” وهذا طرح عنصري حيث أن إقامة هذه الدولة على حساب شعب آخر، علاوة على رؤيته المغرقة في العنصرية والتي مفادها كأن انتصار الاشتراكية في العالم مرهون بتشكيل دولة يهودية اشتراكية. ما حصل أن هذا الطرح الكاريكاتوري ابتلعه ستالين من جهة، وتولدت عنه دولة استيطانية عنصرية عدوانية رأسمالية حتى النخاع. 

أخذنا نقرأ بعد تفكك الاتحاد السوفييتي بأن اهم سبب لاعتراف الاتحاد السوفييتي بالكيان مردُّه إلى أن كثيرا من قياداته كانوا متزوجين من يهوديات! وهذا تفسير عجيب! فهل كافة المطبعين الفلسطينيين والعرب ساسة ومثقفين/ات سواء من ساهموا في بناء الكيان أو اعترفوا أو ترشحوا لبرلمان الكيان هم أيضا أبناء أو أزواج يهوديات! ومنهم مثلا فلسطينيون ولبنانيون ومصريون طرحوا “صرخة ” تطالب بدولة مع المستوطنين!

هذا تقزيم للتاريخ وقراءة بهلوانية عجزت عن قراءة الدجمائية السوفييتية في فهم النظام الرأسمالي العالمي من مدخل  الإقتصاد السياسي و المادية التاريخية اي على الأقل من باب أن كيانا خلقته الراسمالية العالمية لن يكون اشتراكياً، وحتى لو حصل، فهو أقيم على اغتصاب أرض شعب آخر مما يجعل دعمه والاعتراف به هو موقف عنصري وحتى مركزاني أوروبي سواء في الوعي أو اللاوعي،  ولم يكن لهذا الكيان أن يقوم، وخاصة في بداياته الأولى لولا الدعم والاحتضان والحماية والتسليح من الاستعمار البريطاني في فلسطين لموجات المستوطنين التي قام الاستعمار بإدخالها إلى فلسطين وبالطبع مواصلة الرأسمالية العالمية لدعم واستخدام هذا الكيان لتأخير النهوض العربي. وهذا يجعل المشاركة في انتخابات الكيان مثابة تطوع في خدمته ضمن دوره في تقويض النهوض العربي وهذا بُعد علينا توضيحه أكثر في مشروع العروبيين لاستعادة الشارع العربي ليس فقط من إرهاب الدين السياسي بل ايضا من الماركسية الصهيونية. 

 

وتمسكاً بجريمة الاتحاد السوفييتي بدعم والاعتراف بالكيان واصل راكاح اعتبار وجود الكيان الصهيوني في فلسطين أمر مفروغ منه وبأن اي نضال فلسطيني يجب أن ينحصر في:

  • الإقرار بأن المحتل 1948 هو “إسرائيل”
  • وبعد هزيمة 1967 أصبح موقفه الدعوة لدولتين أي دولة فلسطينية في المحتل 1967 إلى جانب الكيان الصهيوني.

أي أن ماركسية فلسطينيي هذا الحزب هي ماركسية تطبيعية ولا وطنية أي ماركسية متراكبة على الصهيونية. 

 

هذا الحزب هو العمود الفقري للقائمة المشتركة” التي تخلت عن  كلمة عربية لأنها التزمت برؤية راكاح بأن هوية الجميع “إسرائيلية” أي تنطلق من أن وجود الكيان لا نقاش فيه وبأنها تزعم بخطاب مليء باللغو  بأنها تفتح طريقا جديدا يغير كامل بنية وسياسة الكيان الصهيوني، وهذا أمر مستحيل أن تسمح الإيديولوجيا والثقافة العنصرية الصهيونية بأن تتسع قائمة كهذه لتصبح القوة الرئيسية من جهة ومن جهة ثانية فإن كل ما يمكن ان تصل إليه هو المكياج الذي صبغت به نفسها في دعمها ل جانس وهي أمور يمكن تحقيقها مدنيا وبلدياتياً دون أية مشاركة في انتخابات برلمان الكيان الصهيوني بما أنها تنفي حق الشعبي الفلسطيني في وطنه.

أن تتسع هذه القائمة لتخلق اكثرية من اليهود الصهاينة بأن يتخلوا عن مصالحهم وثقافتهم وتعاليهم الصهيوني على “العربي القذر-كما يكررون”  فتغير بنية الكيان، هو في الحقيقة ضرب من الهبل، أو الاستهبال .

يصف مثقفوا هذه القائمة بأنها قائمة “يسارية” وهذا أعلى الهُزال الفكري السياسي من جهة وإهانة لوعي ناخبيها من جهة ثانية فهي علاوة على ماركسية راكاح الصهيونية تضم طرفا إسلاميا، وطرفاً يزعم أنه قومي/ناصري وآخر بلا لون!.

لقد بررت هذه القائمة مشاركتها هذه المرة في الانتخابات بأنها كانت تهدف اقتلاع رئيس الكنيست أيدلشتاين ونتنياهو! فأي مطلب عجيب وكأن الكنيست مؤسسة في خدمة الفلسطينيين لولا هذين الرجلين! وعلى هذه الأرضية أوصت هذه القائمة برئاسة جانس للحكومة.

هذا إلى أن رتب الصهاينة بيتهم الداخلي كما هو متوقع دائماً، وبات قادة القائمة المشتركة يتهامسون بانهم لم يخسروا شيئا لأنهم حققوا عضوية وفوائد عضوية الكنيست وإلى انتخابات أخرى سيصوغوا خطاباً يخدعون به ناخبيهم.

ولكي لا نلقي العبء على الماركسية الصهيونية وعلى فلسطينيي الكنيست وحدهما، فإن هذين الطرفين جرى دعمهما مباشرة أو مداورة من مختلف الأنظمة والمثقفين الفلسطينيين والعرب الذين مارسوا التطبيع منذ عقود وقاموا بالاعتراف بالكيان سابقا وحالياً. وهؤلاء جميعا بين من:

  • إنهار واستدخل الهزيمة وبالتالي صار يدعو لها بما هي التزامه الإيديولوجي
  • ومن لم يبرح ولن يبرح حقيقة أن وجوده في سلطة وعلى راس كيان أو دولة قُطرية عربية هو بفضل الاستعمار.

 

يتبع الجزء الثالث

الجزء الأول

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *