بيانات و تصريحات

الأورومتوسطي: معاقبة معتقل رأي بالسجن لعام يعكس صورة قاتمة لمنظومة العدالة في الأردن

جنيف- دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الأردنية إلى الإفراج الفوري عن المعتقل المضرب عن الطعام “مالك مشاقبة”، معبرًا عن قلقه البالغ من سلوك المنظومة القضائية في التعامل مع القضية.

وقال المرصد الحقوقي -مقرّه جنيف- في بيان صحفي اليوم إنّ السلطات الأردنية اعتقلت “مشاقبة” (31 عامًا) يوم 26 يناير/كانون الثاني 2020، على خلفية نشره مقاطع فيديو لمدونين أردنيين عبروا عن رفضهم لاتفاقية الغاز الموقعة بين الأردن وإسرائيل.

وأفاد “صلاح مشاقبة” شقيق المعتقل “مالك ” للأورومتوسطي أنّ السلطات حوّلت شقيقه إلى المدعي العام يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث وُجهت إليه تهمة “إطالة اللسان على الملك والملكة وأوصياء العرش وذم هيئات رسمية”، مبينًا أنّ شقيقه أُوقف لمدة أسبوع على ذمة القضية، وأنّ عائلته تقدمت بأربعة طلبات للإفراج عنه بكفالة لحين المحاكمة لكنّ جميعها أجيبت بالرفض.

وبيّن “صلاح” أنّ عائلته ذهبت يوم 3 فبراير/شباط لزيارته داخل سجن الجويدة، وطلبوا رؤيته للاطمئنان عليه والحصول على توقيعه لتوكيل والده الذي يعمل محاميًا للدفاع عنه، لكن سلطات السجن أبلغتهم أنّ “مالك” لم يحوّل للمحكمة بعد، ولا يوجد لديه ملف لدى السلطات القضائية.

وأضاف أنّ العائلة كرّرت في اليوم التالي 4 فبراير/شباط محاولة زيارة نجلها، لكنّها تفاجأت بتحويله للمحكمة دون إبلاغها، ودون إتاحة الفرصة لتوكيل محام للدفاع عنه. وقبل وصول العائلة إلى مقر المحكمة، كان قد صدر الحكم بسجن مالك مدة عام واحد، بناءً على التهم التي وجهها له المدعي العام.

وأوضح أنّ شقيقه -يعمل في بلدية الزرقاء- يخوض منذ يوم 27 يناير/كانون الثاني إضرابًا جزئيًا عن الطعام، لكنه قرر الإضراب الكلّي عن الطعام والشراب بعد صدور الحكم بحبسه لمدة عام، منبهًا إلى أنّ الوضع الصحي لمالك يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ويُنقل بشكل يومي إلى المستشفى نظرًا لتردي صحته نتيجة الإضراب.

وبيّن “صلاح” أن شقيقه أصبح يعاني من ضعف في النظر وفي عضلة القلب وعدم القدرة على الحركة وفقدان الاتزان وآلام في الصدر وخدران الأطراف، لافتًا إلى أن الأمن يقيّده بقيود حديدية عند نقله إلى المستشفى بالرغم من مطالباته المتكررة بعدم تقيده بذلك الشكل بسبب الآلام التي تسببها تلك القيود، إلا أن الأمن دائمًا ما يتجاهل طلبه.

من جهته، قال طارق اللواء، مستشار قانوني لدى الأورومتوسطي، إنّ الظروف التي صاحبت اعتقال “مشاقبة” ومحاكمته السريعة تعكس صورة قاتمة لمنظومة العدالة في البلاد، وتدلّل على نيّة السلطات معاقبة الناشطين وردعهم عن التعبير عن آرائهم في القضايا السياسية والمجتمعية، وتؤشر على مدى التضييق على الحريات.

وأضاف “اللواء” أنّ ظروف احتجاز ومحاكمة “مشاقبة” تثير تساؤلات عن مدى اتباع السلطات القضائية والأمنية في الأردن للدستور المحلي، ولقانون أصول المحاكمات الجزائية، اللذين كفلا حق الدفاع وتوكيل المحامي والالتقاء به، إذ نصّت المادة 7 الفقرة 2 من الدستور الأردني على أنّ ” كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون”.

كما أن المادة 15 الفقرة الأولى أكدت على ” تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”.

وذكر أنّ حرمان “مشاقبة” من الالتقاء بمحاميه يخالف بشكل صريح نص المادة 63 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لعام 1961، إذ نصت الفقرة الأولى من المادة على أنه “عندما يمثل المشتكى عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة إليه ويطلب جوابه عنها منبهاً إياه أن من حقه أن لا يجيب عنها إلا بحضور محامِ”.

وبيّن أنّ سلوك القضاء في قضية المعتقل “مشاقبة” تخالف صريح نصوص القانون الدولي كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعديد من الاتفاقيات التي كفلت حرية الرأي والتعبير وتجريم أي اعتقال على خلفية ممارسة النشاط السياسي والمجتمعي.

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية بضرورة الإفراج عن المعتقل مشاقبة في ظل تردي وضعه الصحي، محملًا اياها المسؤولية الكاملة عن سلامته. كما دعا السلطات إلى إطلاق الحريات ورفع القيود عن حرية الرأي والتعبير، والكف عن انتهاك القانون المحلي والتزاماتها الدولية ذات العلاقة، وعدم تسييس المنظومة القضائية واستخدامها أداة لترهيب وتغييب المعارضين للسياسات الرسمية.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *