أقلام الوطن

15 عاما على غزو العراق

الهدف: تدمير العراق العربي القوي وتصفية القضية الفلسطينية…!

نواف الزرو

     بمناسبة مرور خمسة عشر عاما على غزو العراق وتدمير نستحض الشهادات والحقائق:

حينما كتب الراحل المرحوم محمد حسنين هيكل في مطلع الثمانينيات قائلا:ان كل الاحداث بعد كامب ديفيد اخذت تتحرك لصالح اسرائيل”، كان مصيبا وعميقا، وحينما اشار عدد من كبار المحللين والسياسيين الى “ان غزو وتدمير العراق انما كان في اجندته الخفية لصالح اسرائيل”، فقد اصابوا، وكنا كتبنا في حينه: ان كان الحصاد الصهيوني – الإسرائيلي من وراء العدوان على العراق واحتلاله وتفكيكه ينطوي على آفاق وتداعيات استراتيجية تعم المنطقة  برمتها، فان الحصاد الاستراتيجي الأساسي المخطط والمبيت له من وراء العدوان، يتعلق بصورة مباشرة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على الأرض هناك في فلسطين، ويتعلق بالوجود الفلسطيني وبالقضايا والحقوق الفلسطينية الجوهرية التي كان وما يزال مطلوبا تصفيتها، وقد ربطت المحافل والمصادر والتحليلات والتوقعات السياسية والاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية وغيرها، ما بين العدوان على العراق وضربه وتفكيكه واحتلاله، وما بين تداعيات ذلك على القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

وفي صميم ذلك جاء اعتراف نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق جون بريسكوت-الذي حصل على لقب “لورد” بعد استقالته من منصبه-، فكشف النقاب عن الهدف الكبير المخفي وراء غزو وتدمير العراق قائلا: إنه “أيّد الحرب على العراق عام 2003 لاعتقاده بأن الرئيس الأميركي جورج بوش وقتها لديه خطة لتسوية-أي تصفية- الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني-أي لصالح اسرائيل”، مؤكدا:”أن غزو العراق لا يمكن تبريره وكان قراراً خاطئاً-1 / 03 / 2013″.

فاسرائيليا، ربطت الادبيات السياسية الاسرائيلية ما بين تدمير العراق وتصفية القضية الفلسطينية، أعربت مصادر عسكرية إسرائيلية عن أملها في:” ان تغير النظام في العراق أساسي بمقدار ما يؤدي إلى أضعاف الفلسطينيين”، في حين كان بلدوزرهم شارون قد صرح قائلاً:” ان هجوماً أمريكياً ناجحاً ضد العراق يمكن ان يؤدي إلى وجود فرصة جديدة أمام المسيرة السياسية في المنطقة، فطالما لا يتوفر خيار عسكري لدي العرب سيبدون استعداداً أكبر لاجراء مفاوضات وللتوصل لحلول وسط”، في حين قال الجنرال أهارون زئيفي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية آنذاك قائلاً:” ان الحرب ضد العراق ستؤدي إلى تهدئة المناطق الفلسطينية، وإلى اعتدال المنظمات الفلسطينية خشية قيام إسرائيل بعملية حربية واسعة النطاق”، غير ان ابلغ إشارة رابطة بهذا الصدد جاءت على لسان نائب الرئيس الأمريكي ديك شيني الذي اعلن محرضاً:”ان الحرب ضد العراق يمكن ان تدفع عملية السلام الفلسطينية -الإسرائيلية إلى الأمام-وفق الاجندة الاسرائيلية “.

ولذلك، وعلى هذه الأرضية والخلفية حصراً، سارعت الإدارتان الأمريكية الإسرائيلية معاً، حالما” سقطت بغداد ” إلى توجيه رسائل التحذير والوعيد للفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، وإلى دعوتهم لاستخلاص العبر والدروس مما جرى في العراق، وان كانت الإدارة الأمريكية قد وجهت تحذيراتها بشكل اساسي لسوريا، فان الحكومة الإسرائيلية اعربت عن املها في ان:”يستخلص الفلسطينيون العبر المناسبة من بغداد وان يختاروا قيادة مسالمة أكثر تعمل على مكافحة الارهاب”، فيما عبر الجنرال شاؤول موفاز وزير الحرب الإسرائيلي الاسبق  والوجه الأكثر فاشية في حكومة شارون حينئذ، عن وجهة النظر الإسرائيلية عموماً قائلاً:” آمل ان يتعلم الفلسطينيون الدرس من سقوط الرئيس العراقي صدام حسين بان ينصبوا قادة جدداً وان يوقفوا انتفاضتهم، وعلى الحكومة الإسرائيلية ان تعمل على معاقبة المتشددين الفلسطينيين واجبارهم على القاء سلاحهم، وآمل ان يفهم الفلسطينيون بان العالم قد تغير”، وذهب ايهود اولمرت نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس بلدية القدس السابق في ذلك الوقت، إلى ابعد من موفاز بمزيد من التفصيل حينما قال:” ان على الفلسطينيين ان يعوا ان نتائج الحرب تفرض عليهم مرونه كبيرة بل غير مسبوقة بكل ما يتعلق بسقف توقعاتهم من أي عملية سياسية معنا، وعليهم ان يعوا انه لا طائل من الان فصاعداً من الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة، ولا عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين”.

ولعل البروفيسور الإسرائيلي المناهض للصهيونية “يسرائيل شاحك ” كان خير من شرح تلك  الاستراتيجية الصهيونية، حيث قال: “ان الهدف الرئيسي للسياسة الإسرائيلية هو السيطرة  الإقليمية على الشرق الأوسط بأكمله، والمخطط الإسرائيلي هو تحييد الفلسطينيين والسيطرة التامة عليهم، حتى تتفرغ إسرائيل لتحقيق اهدافها  الحقيقية، والسيطرة على الشرق الأوسط أكثر أهمية في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي”.

ولذلك حينما أجمعت القيادة العراقية لاحقاً كما أعلن طارق عزيز على :”أن الحملة الأمريكية هي حرب شاملة على الجميع، وأن العراق وفلسطين الهدف المباشر ولن يسلم أحد من الخطر، وأن إسرائيل هي المتهمة التي تقف وراء الحرب”، انما كانت تحذر العرب من ذلك المخطط، وهو ما أكده باتريك بوكنان المرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية حينما كتب يقول:”أن أنصار إسرائيل استدرجوا بوش إلى كمين الحرب”.

ويبدو اليوم وبعد الاعتراف على لسان نائب رئيس الوزراء البريطاني وان جاء متأخرا جدا، هو الحقيقة الكبرى في المشهد العراقي، وان كانت الادارتان الامريكية والاسرائيلية فشلتا في تصفية القضية الفلسطينية، الا ان المخطط مستمر، فما كان في المشهد العراقي، نتابعه اليوم في المشهد السوري عبر سيناريو آخر مختلف، فالذي يجري في سورية من تدمير للدولة واستهداف للجيش والوحدة انما يصب في الخلاصة الاستراتيجية لصالح الاجندة الاستراتيجية الاسرائيلية، وبأدوات “جهادية ارهابية عربية-اسلامية” …!

[email protected]

نواف الزرو

-اسير محرر امضى احد عشر عاما في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي ، حكم بالمؤبد مدى الحياة عام 1968 وتحرر في اطار صفقة تبادل الاسرى عام 1979 . - بكالوريوس سياسة واقتصاد/جامعة بير زيت-دراسة من المعتقل. - كاتب صحفي وباحث خبير في شؤون الصراع العربي - الصهيوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *