أقلام الوطن

من الأرمن إلى الأكراد… التنوع السوري يغني الهوية ويقويها

 نبيهة إبراهيم

في حديثه للتلفزيون الوطني السوري – قناتي السورية، والإخبارية السورية ٣١- ١٠ ٢٠١٩ / قال السيد الرئيس بشار الأسد ” … لا توجد لدينا مشكلة مع التنوع السوري، بالعكس التنوع السوري هو تنوع جميل وهو تنوع غني وهذا الغنى يعني قوة “.

وقدم الأسد نموذجين عن التنوع السوري
الأول : كيف اندمج الأرمن بالنسيج السوري مع حفاظهم على كل خصائصهم. ” … لنأخذ مثالاً من هي آخر شريحة انضمت للنسيج السوري؟ هي الأرمن، الأرمن كانت أولاً شريحة وطنية بامتياز، هذا موضوع أثبتته الحرب بشكل قاطع، وبالوقت نفسه هذه الشريحة لديها جمعيات خاصة.. لديها كنائس خاصة، والأكثر حساسية أن لديها مدارس خاصة. وإذا حضرت أي احتفال أرمني، عرساً أو غير عرس -وأنا لدي أصدقاء أرمن وكنت أحضر احتفالاتهم في مراحل سابقة- ستجدهم يغنون أغانيهم التراثية، ولكن بعدها يغنون الأغاني الوطنية ذات البعد السياسي. … وهذه الشريحة هي أقل شريحة من أرمن العالم ذابت في المجتمع، هي اندمجت ولكنها لم تذب حافظت على كل خصائصها” .

الثاني : الأكراد الذين كانوا دوماً على علاقة جيدة مع الدولة، وكان لهم دورهم الوطني في حماية سورية والدفاع عنها.

” …أما الأكراد فمعظمهم كانوا دائماً على علاقة جيدة مع الدولة السورية، وكانوا دائماً يتواصلون معنا ويطرحون أفكاراً وطنية حقيقية، وفي بعض المناطق التي دخلنا إليها كان رد فعل الأكراد لا يقل إيجابية وفرحاً وسعادة عن باقي الشرائح ” .
ويتابع سيادة الرئيس موضحاً بأن المشكلة ليست بالتنوع السوري، المشكلة تكمن في الطروحات الانفصالية والمشاريع والخرائط التي تهدف إلى تفتيت البلد وإظهار حالة عدم الاستقرار في المجتمع السوري ، وهذا كان سبباً في انخراط البعض في تلك المشاريع، وهم من جميع الفئات المجتمعية وليس حصرا على الأكراد فقط .
” … ما حصل هو تشويه للمفاهيم خلال هذه الحرب.. أن نقول بأن هذه الشريحة تتصف بهذه الصفة سلبية أو إيجابية، هو كلام غير موضوعي وغير عقلاني، وأيضاً غير وطني. ، فالخطأ الذي حصل هو أن مجموعة من الأكراد ، وضعوا أنفسهم نواباً ليس فقط عن الأكراد، وإنما عن العرب أيضاً، وعن كل الشرائح المختلفة الموجودة في منطقة الجزيرة، وأتى الأمريكي من خلال دعم السلاح ودعم الأموال.. طبعاً ليس من الأمريكي بل من بعض دول الخليج العربية، ليكرّس سلطة هؤلاء على كل الشرائح، فأصبحنا نعتقد بأن كل من هو موجود هناك هو من الأكراد”.

سورية كغيرها من البلدان العربية، لا سيما بلدان المشرق العربي تميزت عبر التاريخ العربي، بالتعددية والتنوع، وهذا شكّل مصدر ثراء وقوة وتفاعل حضاريين. فالموقع المتوسط لسورية، و خصوبة أراضيها، جعل منها موطن جذب للعديد من الجماعات من مختلف المنابت والأعراق، التي اختلطت وتلاقحت على الأرض السورية ، وميزت المجتمع السوري بقواسم مشتركة جمعت بين أبنائه مثل التسامح والتعاون وعدم الانغلاق، و احترام الآخر ، وقبول الاختلاف، والقدرة على التجدد والاستمرارية والعطاء. كما تشكل الثقافة السورية جزء من الثقافة العربية والإسلامية، وهي أيضاً جزء من ثقافة المتوسط، وأحد روافد طريق الحرير التجاري الممتد بين أوروبا وآسيا ليشكل أكبر حزام تاريخي تجاري تنتقل فيه المعارف والأفكار والثقافات والمعتقدات إلى جانب البضائع والأموال.

والتنوع الثقافي يشكل ثراءً وغنى للهوية الوطنية، لأنه عادةً يؤدي إلى إعلاء القيم الإيجابية لأطراف التنوع، فالثقافات المتفاعلة المكونة للهوية الوطنية تقوم بعملية الانتخاب الاجتماعي لمجموعة القيم، وهذا يحتاج لفترة زمنية ليست بالقصيرة، وتأخذ العملية بين مد وجزر، ما يعني إمكانية حضور اجتماعي لبعض القيم السلبية، لكن بالنتيجة تنتصر القيم الإيجابية وتسود .

الدستور السوري الحالي، ينصّ على المساواة بين المواطنين وتأكيد رابطة المواطنة، ويعترف بالتنوّع الثقافي في البلاد ، ويعتبر الحرية “حقًا مقدسًا” ويعتبر الشعب السوري “جزءًا من الأمة العربية” ويتيح التعددية السياسية والاقتصادية.

المادة -٣٣
-المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون
– المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة
المادة- التاسعة من المبادئ السياسية: يكفل الدستور حماية التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته، وتعدد روافده، باعتباره يعزز الوحدة الوطنية ، في إطار وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية

هذا ونهجت وزارة التربية والتعليم في مناهجها المطورة، تدريس قيم التواصل والحوار والاختلاف وقبول الآخر، لإعطاء مساحات كافية لحرية الإبداع والمساهمة والنشاط، والمبادرة الذاتية لدى المتعلم، ولتقدم له خبرات حياتية بشكل مستمر

القوى الاستعمارية، وجدت بالتنوع والتعددية منفذاً لخلق الفتن والنزاعات في المجتمعات العربية، فوضعت المخططات لتقسيم الدول العربية سكانياً وصولاً لتقسيمها جغرافياً إلى كيانات جنينية، تستقوي بالأجنبي، وتستمد استمراريتها منه. متل ( كردستان العراق ، كردستان سورية )، كما سعت دوماَ نحو إقامة أنظمة تقوم على المحاصصة الطائفية، بهدف إضعاف سلطة الدولة المركزية وخلق حالة مستمرة من عدم الاستقرار ، كل ذلك بهدف نهب ثروات المنطقة والتحكم بشعوبها.
وهنا القول للسيد الرئيس بشار الأسد
” … لأن هناك طروحات انفصالية، هناك خرائط تسوّق بأن هذه “كردستان سورية” وهي جزء من كردستان الكبرى. هذا حقنا، من حقنا أن ندافع عن وحدة أراضينا وأن نكون حذرين من الطروحات الانفصالية،….”

بنهاية القول، ونتيجة لخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة يتعين المواءمة بين تمتع المواطنين بحقوقهم وهي حقوق الإنسان الأساسية دون تمييز مبني على العرق أو الدين أو اللغة، وسلطة الدولة السياسية القائمة على الحفاظ على سيادة الدولة ووحدتها الإقليمية.
والحقيقة هي أن الصراع الدائر الآن هو على ما يجب أن تكون عليه سورية في المستقبل ، هل ستخرج قوية موحدة محافظة على ثوابتها الوطنية والقومية.

وهنا أختم بحديث السيد الرئيس بشار الأسد :
“…نعرف تماماً ما هي اللعبة التي سيلعبونها، هي لعبة إضعاف الدولة وتحويلها الى دولة لا يمكن أن تكون عليها سيطرة من الداخل وبالتالي تكون السيطرة عليها من الخارج. اللعبة واضحة، كما يحصل في دول مجاورة ولا داعي لذكر الأسماء. لن يحصل هذا الشيء ولكنهم سيحاولون ونحن لن نقبل. هذا هو الملخص لأشهر ربما من الحوار وربما أكثر الله أعلم. طبعاً أقصد الحوار المستقبلي..”

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *