أقلام الوطن

أمريكا بين إعلان الانسحاب من سوريا وتوجيه ضربة عسكرية لها

بقلم: نبيهة إبراهيم
 
بالتوازي مع معركة دبلوماسية فاشلة قادتها أميركا وأتباعها الغربيون ( فرنسا وبريطانيا) في مجلس الأمن . تحت ذريعة استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيماوي ، والتي أفشلها الفيتو الروسي. شن الإعلام معركة لا تقل خطورة عن المعركة العسكرية، جُنْد لهذه المعركة الإعلام المتواطئ مع أمريكا ومشروعها الاستعماري في المنطقة، عنوانها التهديد الأمريكي لسوريا بالويل والثبور وعظائم الأمور، حتى يكاد يشعر المتلقي العربي وكأنه بوضع أشبه ما يكون قبيل الغزو الأمريكي للعراق. طبعاً وهذا ليس خافياً على أحد بأن هكذا إعلام يتمنى ويرغب أن تدمر سوريا كما دُمرت العراق وليبيا واليمن.
 
في المقابل كان الإعلام الغربي والأمريكي معه مثلاً محطة، السي أن أن، كانت تنقل جلسة استماع بالكونجرس للمدير التنفيذي للفيسبوك ( مارك لوكربيرج)، بشأن تسريب البيانات الخاصة لأكثر من 87 مليون مستخدم لموقع “فيس بوك”، لشركة استشارات سياسية تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها وتحمل اسم “كامبريدج أنالتيكا”، والتى ساعدت حملة “دونالد ترامب” الانتخابية خلال عام 2016 ،وساعدت العملاء الروس على التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
 
فلو كانت أميركا جادة في توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا. لا اعتمدت على أن تحضر الرأي العام الأمريكي. خصوصا ً أن الرئيس ترامب من فترة وجيزة أعلن عن انسحاب قواته من سوريا. وهذا أعتبره مؤشر أول على تراجع أمريكا عن تنفيذ تهديدها لسوريا.
منذ عشرة أيام فقط أعلن ترامب عن انسحاب أمريكا من سوريا خلال ستة اشهر. إذا اعتمدنا تقييم الصحفي المخضرم سيمورهيرش لشخصية ترامب كما وصفه نقلاً عن مستشار أميركي كبير بقوله. ” أن كل شخص مقرّب من ترامب يعرف ميله إلى التصرّف بشكل عاجل ، ويضيف “إنه لا يقرأ شيئاً ولا يملك معرفة تاريخية حقيقية، فهو يريد الإحاطات الشفوية والصور الفوتوغرافية. يمكنه أن يقبل عواقب قرار سيئ في عالم الأعمال، وأنه سيفقد المال، ولكن في منطقتنا ستضيع الأرواح، وسوف يكون هناك ضرر طويل الأمد لأمننا الوطني إذا كان يخمّن بطريقة خاطئة”. ضمن هذا التقييم يكون قرار ترامب بانسحابه من سوريا متعجل ولكنه يعبر عن حال أمريكا المتراجع، وأراد ترامب أن يريح نفسه ويبق البحصة كما يقولون في التعبير العامي، وهو الذي جاء ببرنامج انتخابي عنوانه ( أمريكا أولاً). ووعد بالتوظيف والقضاء على البطالة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن وصول ترامب للبيت الأبيض وهو المعروف بصداقته لبوتين، وكذلك فضيحة المدير التنفيذي للفيسبوك التي ذكرناها سابقاً. وهذا يؤكد ضلوع أركان الدولة العميقة في أميركا بنجاح ترامب في الانتخابات.
قصدت من هذا أن أدلل على أمر مهم هو أن أركان الدولة العميقة كانت تدرك تراجع أميركا، لذلك ساعدت بمجيء ترامب وهو صديق بوتين. وهذا مؤشر ثاني على تراجع ترامب عن تنفيذ تهديده، بل أعتقد بأن ما حضٌرته أمريكا والغرب من تلفيق وتزوير في مجلس الأمن، وما تبعه من تجييش إعلامي عبر الإعلام الأجنبي الناطق بالعربية. أرادت أميركا أن تقول لسوريا وحلفائها لا تفرحوا كتير بأننا سننسحب من سوريا ونتركها لكم بهذه السهولة وبنفس الوقت توجه رسالة لأدواتها أنها معهم ولن تخيب أملهم.
أمس الأول نفذ كيان الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على مطار T4 جنوب شرق حمص ومن بين الأسباب التي دفعت إسرائيل حسب محللين إلى ارتكاب ذلك العدوان كان توريط أميركا في عدوان مباشرعلى سوريا، وهذا يدلل على أن الكيان الإسرائيلي واللوبي الصهيوني يدرك قناعة أميركا بالانسحاب من سوريا وإلا لماذا يسعى لتوريطها بشكل أكبر، بل على العكس إن الكيان الإسرائيلي يدرك مدى تراجع أميركا ومدى عدم قدرتها على حمايته وأنه أكبر الخاسرين من انتصار سوريا.
 
على أية حال أمريكا هددت سابقاً وتراجعت، عندما بدأ الجيش العربي السوري حملة تحرير الغوطة، واليوم وعلى الرغم أننا نميل لجهة تراجع أمريكا هذه المرة أيضاً لكن لا نستطيع القول إلا أنها كالثعلب المحتال ، إذا وجدت أية ثغرة تنفذ منها تستطيع من خلالها تحسين وضعها في الميدان فلن تألو جهداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *