أقلام الوطن

الجامعة والنفط…ونحر كيانات الفقراء

ماذا لو طُرد الأردنيون؟

 

 

د. عادل سمارة

د. عادل سمارة

 

ضللتنا بوعي وقصد جميع الأنظمة العربية التي دخلت جامعة الدول العربية دون ان تقصد بدخولها تفجيرها من الداخل وبقيت هذه الجامعة عامل تكريس للأنظمة القطرية ضد الدولة القومية بما هي تجميع أنظمة وتفكيك الشعب العربي وبقاء الحكام كتعبير قمعي شكلاني إرهابي بزعم أنها هناك نيابة عن الشعوب. إن أكبر تضليل اقترفته مختلف الأنظمة بأنها استعاضت عن تكوين الحد الأدنى للوحدة العربية بفدرالية عربية في مواجهة مؤسسة أوجدها الاستعمار البريطاني الذي استعمر معظم الوطن العربي وتقاسمه مع الاستعمار ورغم عدم رؤية اي تثمير لهذه المؤسسةعلى مدار اكثر من سبعة عقود تمسَّك الجميع بها مما يعني عمليا أن هذه الأنظمة جميعها تعتبر الاستعمار تجربة وعلاقة جيدة وتأسف لانتهائها هذا إذا انتهت كما يزعم دعاة ما بعد الاستعمار.ذلك لأن الطبيعي أن لا تُطِّبع هذه الأنظمة على الأقل مع من استعمر وطنها.

تمأسست الجامعة، وتمأسست الدولة القطرية، وللأسف حينما كان المد القومي قويا لم يقم بهدم هذه الجامعة بل مكَّنها ولم يطرد على الأقل الأنظمة التي هي عدوة للعروبة ولشعبها ايضا وتابعة للاستعمار بالتمام.

هذا إلى أن كانت هزيمة 1967 حيث هُزمت الأنظمة القومية بينما أنظمة النفط والتبعية لم تُمس بسوء حيث لم تشارك في أي مستوى نضالي، بل كانت تتآمر كما اتضح من مراسلات فيصل جونسون.

كان قلق هذه الأنظمة من المد القومي ولذا كانت تنتحب ليبقى الاستعمار على أرض وطنها. ولكن بعد هزيمة 1967 وحصول الطفرات النفطية انتقل مركز الثقل بين الأنظمة العربية إلى الخليج كي تكتمل الكارثة .

أدت الطفرة النفطية إلى خنوع الأنظمة العربية الفقيرة أو ذات العجز لصالح الأنظمة العربية التابعة وذات الفائض حيث بدأت دول الفائض ترشي دول العجز وتسيطر على سياساتها. وترافق ذلك مع خضوع البرجوازية الكمبرادورية المصرية الحاكمة لإملاءات الإمبريالية بالاعتراف بالكيان بينما تم تأجيل إعلان تطبيع أنظمة الخليج.

في علاقات العجز والفائض تم الصمت عن كافة السياسات التابعة في الخليج وخاصة تحوله إلى قاعدة لقوى الدين السياسي وإيديولوجيتها الإرهابية بدءأ من تشكيل القاعدة ضد الحكومة التقدمية في أفغامستان وحتى اللحظة.

بحيث تحقق انظمة الخليج إعلان صهينة الجامعة ومن ثم صهينة أنظمتها هي نفسها.

لا حاجة للمرء في البحث عن اسانيد عن تبعية أنظمة الخليج، وحتى غير الخليج للعدو الإمبريالي وفي النهاية الصهيوني فذلك يشي عن نفسه. ولكن أنظمة العجز من جهة ومثقفي العجز من جهة ثانية لعبوا جميعا دوراً في إيصال أنظمة الخليج إلى التغوُّل وهي ليست غيلاناً.

ففي المستوى الفلسطيني تحديداً كان لاعتياد التموُّل من الخليج اثره في تراخي وبقرطة المقاومة وسقوط هيبةالفدائي الذي كان حكام الخليج يخشونه وهو بعيدا عنهم. وربما كان لدعس الفدائي كارلوس على عنق وزير النفط السعودي أحمد زكي اليماني معناه الحقيقي وآية العلاقة مع هؤلاء. لكن المقاومة الفلسطينية جناح م.ت.ف:

· اعتادت التمول من هؤلاء التوابع

· غادرت الكفاح المسلح

· وغارت في هاوية أوسلو

وبالمقابل، أصبحت قوى الدين السياسي في غزة متمولة من قطر، ومنخرطة في إيديولوجيا الدين السياسي حتى وصلت حافة السمع والطاعة لفلوس قطر ومن ثم تركيا. ولعل المؤشر على هذا مشاركتها في لقاء رام الله تحت مظلة السلطة!

في جانب آخر لم تستفد أنظمة العجز من الرشى المالية من الخليج، بل كانت تنفق تلك الأموال كنفقات جارية سواء بالفساد أو بتضخيم اجهزتها البيروقراطية لكسب الولاء أو لتشجيع الاستهلاك الشره والترفي من منتجات العدو الغربي نفسه مما جعلها هشة بمجرد لحظة توقف الرشوة الخليجية .

يمكن أن يُعزى هذا إلى كل أو بعض مايلي:

· إما لأن شرط التمويل أن لا يكون استثماريا

· أو لأن الأنظمة ليست ذات توجه استثماري إنتاجي

· أو لأن الإمبريالية تُصرُّ على أن يتم استثمار هذه الأموال إنتاجيا لا صناعيا ولا زراعيا.

وبهذا،تصبح هذه الأنظمة رهن أوامر حكام الخليج طائعة صاغرة لتنفذ أوامرها التي تسوحيها الأخيرة اساسا من العدو الأمريكي والغربي.

كان استخدام حكام الخليج “عضلاتهم” عام 2011 حيث احتلت قطر رئاسة الجامعة من السلطة الفلسطينية وقررت فصل سوريا من الجامعة. وقد ركعت مختلف الأنظمة، ومن اعترض كان بشكل القبول منه اشرف.

وتتالت تدخلات وعدوانات أنظمة الخليج ضد الأمة العربية وخاصة سوريا والعراق وليبيا عبر تصدير وتمويل الإرهاب.

تجويع الشعب الأردني:

 

بعد عدوان الإمارات ضد فلسطين بل ضد كل الوطن العربي وخاصة ضد اليمن وإعلان تفشي الكيان في كل أرضها وما تحتله مثل جزيرة سقطرة، وبعد نشر فيديو في الأردن ضد الإمارات هدد حاكم الإمارات بطرد ربع مليون أردني من هناك. وكان الخليج قد هدد لبنان بنفس القرار عدة مرات مما جعل اللبنانيين في الخليج كسيف دمقليس. وهو ما سيمارسه حكام النفط وغيرهم غداً ضد الحكم الذاتي ليعتذر لحاكم الإمارات!

هذا مع وجوب العلم بأن سكان الخليج وخاصة الكيانات الخمس ما عدا السعودية هي صحراء سكانيا حيث يصل غير العرب هناك إلى ثمانين بالمئة وأكثرمما يعني أن من يقوموا بالعدوان ضد اليمن غالبا ليسوا عربا.

ولكن، ماذا لو تم طردالأردنيين لا سيما أن الاحتمال وارد وفي اي وقت آخر طالما العلاقة مع انظمة تحركها الإمبريالية والصهيونية.وربما تتم مطالبة هذه الجالية أو اية جالية عربية في الخليج بأن تبارك التطبيع والخيانة، أو تُطرد، مما يعني أن قطاعا من الشعب قد بارك التطبيع بغض النظر عن الآلية.

لقد طردت حكومة الكويت 400 ألف فلسطيني إثر تحرير العراق للكويت 2 آب 1990، وتم استيعاب هؤلا ءفي الأردن وفي المحتل 1967. لم تقع السماء على الأرض.

وبالمقابل، ألا توجد خطىً للرد على عدوان حكام الخليج؟

دائماً هناك رداً بغض النظر عن شدة الفعالية وسرعة تحصيل النتائج:

لكن الخلل هو في طبيعة الأنظمة في بلدان العجز وفي خنوع ودور الطابور السادس الثقافي.

فخنوع الأنظمة لا يدفعها لمغادرة الجامعة العربية ويدفعها للتزلُّف وخاصة أن ما كانت تتلقاه كان يذهب لفسادها. ولذا، يُحتمل، كما اشرنا، أن تفرض أنظمة التطبيع على الفلسطينيين غدا في اجتماع الجامعة العربية الاعتذار للإمارات. بينما مقاطعة بل الانسحاب من هذه الجامعة وتشكيل جسم آخر عربي لا بريطاني يضع أنظمة التبعية مكشوفي المؤخرات السوداء رغم عباءاتهم البيضاء.

وبوسع الأردن تشغيل الكثير من العمال المطرودين ولو تدريجيا إذا ما قرر تنفيذ التنقيب والإنتاج في الثروة الموجودة فيه والتي واصل النظام الصراخ وإشعار الشعب بأنه فقير بالمطلق، بدل أن يستثمر في هذه الثروات. لكن هذا يتطلب تأميم فلوس الفاسدين! . وبوسع الأردن مقاطعة منتجات الدول الداعمة للكيان وتوجيه الشعب باتجاه الحماية الشعبية للاقتصاد، وهذا يُضر بمصالح سادة حكام الخليج.وهذه ظاهرة إذا اتسعت عربيا هي التي سترغم الغرب على تقليص عدوانه على الأقل.

وبوسع الأردن إذا ما تحالف مع عراق بغير نظامه هذا التحرش بأنظمة النفط القريبة منه سواء بدفع مقاتلين أو مهربين أو ثوريين لهز سلطات تلك الأنظمة. أي لا بد من خلخلة الوضع اللآسن

وبوسع الشارع في مختلف الأقطار العربية طرد مؤسسات هذه الأنظمة ومؤسسات الدول المعادية ومقاطعة منتجاتها ورفض التطبيع معها . كما يجب القيام بحملة إعلامية مضادة تفضح هذه الأنظمة التي كان يتم الصمت عليها بما تدفعه من رشى.

بكلام آخر، صار لا بد للوطن العربي أن ينقسم إلى أنظمة تابعة وأنظمة لا، والأهم أنه صار لا بد من التحرش بأنظمة التبعية وخاصة النفطية ثقافيا واقتصاديا وسياسيا.

ولا بد من مقاطعة شعبية لمختلف الأنظمة والدول التي تراعي هذه الكيانات القروسطية وذلك بالتوجه الإنتاجي من جهة والتوجه التجاري شرقا من جهة ثانية.

إن إعادة الاصطفاف والتخندق هو الحل، ولكن هذا دونه:

· أنظمة التبعية خارج الخليج أيضا

· عجز القوى الثورية عن التعبئة والتحريض حتى على انظمة بلادها.

إن حراكا شعبيا قويا يمكنه إرباك عدوان الخليج ومشغليه في مستويين:

· إما تراجع حكام الخليج عن عدوانهم وهذا ما كان يجب ان يحصل منذ 2011

· أو تفجير الوضع العربي عبر تفكيك مفاصل الدولة القطرية وصولا إلى تغيير هذا الوضع وهذا يشكل كارثة على الإمبريالية التي لم تكن هنا يوما لا للدين ولا لثقافة بل فقط لتقشيط الثروة.

 

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *