أقلام الوطن

مسرحية الكيماوي: تكرار للأكاذيب الأمريكية المفضوحة

أ.د. محمد أشرف البيومي

أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ولاية ميشيجان (سابقا)

كولن باول يكذب أمام ا لأمم المتحدة في 5 فبراير 2003 محذراً من سلاح الأنثراكس البيولوجي والذي يمكن لكمية صغيرة منه مثل التي في الأنبوبة التي يحملها قتل مئات الألوف من البشر و الذي زعم أنه بحوزة الحكومة العراقية 

منذ عدة اسابيع ونحن ننتظر هجوما كيمائيا في الغوطة حتي توظفه القوي العدوانية ضد سوريا المنتصرة فتفتعل منه غطاء لقصف مواقع الجيش العربي السوري و لتشديد الحصار الاقتصادي والسياسي عقاباً لانتصارها علي العصابات الإرهابية، في محاولة للحد من آثار هذا الإنتصار. أصبح الكثيرون ينتظرون هجوما كيمائيا أو مسرحية زائفة تزعم هذا الهجوم. وقد حذرت عدة جهات من أن المسرحية أوالهجوم أصبح وشيكاً من قبل شراذم الإرهابيين المنهزمين في دوما تمهيداً لإعتداءات جديدة علي سوريا.
حسب صحيفة النيويورك تايمز اليوم (9إبريل)” يبدوا أن الهجوم يهدف الي كسر معنويات متمردي دوما، الذين وافقوا يوم الأحدللتعامل مع الحكومة من أجل تسليم المنطقة وأخذ الباسات إلي منطقة أخري…” من الواضح حسب نفس الفقرة أن معنويات المتمردين، (كما تسميهم الصحيفة) قد كسرت بالفعل فلماذا تستخدم الحكومة السورية، التي حققت أهدافها فعلا، السلاح الكيمائي؟ هل ترغب الحكومة السورية المنتصرة أن ترغم الحكومة الأمريكية لتضربها عسكريا وتعطي الضوء الأخضر للكيان الصهيوني بضربة جوية كما حدث فعلا !؟ أم تريد أن تجهض مجهوداتها المضنية من أجل الوصول لإتفاق لخروج الإرهابيين !؟
شاهدت مراراً الفيديوهات التي عرضت أطفالا يرشهم البعض بالمياه وآخرون يشتكون من ضيق التنفس والمعلق يحذر بشدة من أن المشاهد مرعبة نتيجة للتعرض لغاز الأعصاب. أجزم بأن الفيديوهات مزيفة بل رديئة التزييف كما أن المختصين الروس الذين تواجدوا في مكان الحادث لم يجدوا أي دليل علي استخدام غاز الأعصاب القاتل.
لا يحتاج المرأ أي عبقرية حتي نتبين الحقيقة وكل ما نحتاجه هو طرح تساؤلات منطقية هي نفس التساؤلات التي تعقب أي جريمة. من المستفيد من الجريمة المزعومة وماهي دوافعه ولماذا اختار هذا التوقيت؟ ما هي دوافع الحكومة السورية والجيش العربي السوري وهو علي أهبة تصفية آخر بؤرة إرهابية في الغوطة الشرقية؟ خصوصا وأنه قد تمت الموافقة علي مغادرة الإرهابيين من دوما نتيجة مفاوضات عسيرة وبعد إعلان الرئيس الأمريكي أنه سيسحب القوات الأمريكية من سوريا، وأن”علي الآخرين أن يتعاملوا مع المشكلة السورية”.
نسوق بعض الحقائق المعلنة: أولاً أن البنتاجون والدولة العميقة الأمريكية أبدت استيائها واعتراضها علي سحب القوات الأمريكية من سورية.  ثانياً أن نظام آل سعود في تناغم واضح مع الكيان الصهيوني وإرهابي جيش الإسلام. أبدي جميع هؤلاء استيائهم وصعدوا من مطالبتهم بضرورة مواجهة إيران وحزب الله والجيش السوري، مكونات محور المقاومة الذي يتناقض مباشرة مع أهداف واستراتيجية محور الهيمنة. ثالثاً تصاعد التوتر والمواجهة بين القوي الغربية وروسيا بحجة استخدام كيمائي آخر لقتل جاسوس روسي سابق وابنته في بريطانيا دون أن تقدم الحكومة البريطانية أي دلائل. ورغم ذلك سارعت هذه القوي لطرد دبلوماسيين روس وفرض عقوبات إضافية مما أدي إلي طرد أعداد مماثلة من دبلوماسيين غربيين وإغلاق قنصلية ليننجراد. رابعاً صعد ترامب حرب التعريفة الاقتصادية علي الصين رغم إستياء شرائح هامة في المجتمع الأمريكي من هذه الإجراءات. خامسا نجاح الجيش العربي السوري في القضاء علي القنبلة الإرهابية الموقوتة والتي استخدمها الإرهابيون في إطلاق قذائف الهاون علي مواطني دمشق وقتل المدنيين عشوائيا في غياب إدانة غربية.
هل نحن في حاجة إذا إلي الإجابة علي التساؤلات السابقة؟ نعم فالماكنة الإعلامية الغربية والتي تخترق إعلامنا العربي لا تكل من لوي الحقائق وإخفاء بعضها وتكرار أكاذيب حتي تصبح حقائق، تماما كما نصح جوبلز وزير الإعلام النازي في حكومة هتلر.
المستفيد من الجريمة والإعلام المكثف حولها وما تحتويه من أكاذيب هو محور الهيمنة، محور العدوان علي سورية كما ان رفع مستوي التوتر دوليا يخدم مصالح القائمين علي هذا التوتر لأسباب خارجية ومحلية متعلقة برغبة ترامب الجامحة لإبقاء تأييد قاعدته الانتخابية خصوصا وأن الانتخابات النصفية اقتربت (نوفمبر القادم) وهناك تخوف من خسارة الجمهوريين الأغلبة في أحد أو في كل من مجلس النواب والشيوخ.
علينا ألا ننسي أبدا الأكاذيب المتتالية الأمريكية، ليس فقط بما يتعلق بالوطن العربي بل في ممارساتها دولياً. اختلقت إدارة جونسون هجوما لقطع بحرية من شمال فيتنام علي الأسطول الأمريكي لتبرير هجومه الجوي علي شمال فيتنام والحصول علي تفويض مفتوح من الكونجرس لسياسته في فيتنام. اختلقت الإدارة الأمريكية أكذوبة السلاح البيولوجيي في العراق وأسلحة الدمار الشامل وحصول العراق علي اليورانيوم من النيجر. ساهمت الإدارة الأمريكية في اكذوبة حضانات الأطفال في الكويت التي كانت من اخراج شركة أمريكية متخصصة في التلفيق. فالأكاذيب كثيرة ولا يمكن سردها  جميعا في هذا المقام.

ابنة السفير الكويتي في واشنطون تشارك في مسرحية مزيفةعام 1990 حول قتل جنود عراقيين لأطفال كويتيين، المسرحية من إخراج شركة أمريكية هيل ونولتون

نتوقع من الحكومة السورية وحلفائها مواجهة الهجمة الجديدة بحكمة وصلابة حتي نجهض اهداف المعتدين ونقوض آمالهم. أما عن الموقف العربي الرسمي، و”المثقفين” المزيفين، للأسف سيكون استمراراً للتخاذل واالهرب من اتخاذ مواقف مساندة للحكومة السورية خوفا من العقاب الخليجي- الأمريكي –الصهيوني.

“كنعان الإلكترونية”

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *